كربلاء بتفاصيلها المأساويّة حتى قامت كربلاء في نفسي وفكري ، ومن هنا بدأت نقطة الثورة ؛ الثورة على كل مفاهيمي ومسلَّماتي الموروثة ؛ ثورة الحسيني عليهالسلام داخل روحي وعقلي ، إلى أن يقول : فكربلاء مدخلي إلى التأريخ ، إلى الحقيقة ، إلى الإسلام ، فكيف لا أجذب إليها جذبة صوفي رقيق القلب ، أو جذبة أديب مرهف الشعور؟! وتلك هي المحطة التي أردت أن أنهي بها كلامي عن مجمل معاناة آل البيت عليهمالسلام ، وظروف الجريمة التأريخية ضدَّ نسل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : من قتل الحسين عليهالسلام؟ أو بتعبير أدقّ من قتل من؟ نحن لا نشك في أن مقتل الحسين عليهالسلام هو نتيجة وضع يمتدُّ بجذوره إلى السقيفة ، إلى أخطر قرار صدر بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان ضحيَّته الأولى : آل البيت عليهمالسلام ، ونلاحظ من خلال حركة التاريخ الإسلامي أن محاولة تهميش آل البيت ، وقمع رموزهم بدأ منذ السقيفة ، ورأيي لو جازف الإمام علي وفاطمة الزهراء عليهماالسلام لكان فعلا أحرقوا عليهم الدار ، ولكان شيء أشبه بعاشوراء وكربلاء الحسين عليهالسلام (١).
والجدير بالذكر هنا هو ما أنشده القاضي أبو بكر بن أبي قريعة ( المتوفَّى ٣٦٧ ) في هذا المعنى ، حيث يقول :
يَا مَنْ يُسَائِلُ دائباً |
|
عن كلِّ مُعضِلَة سخيفه |
لاَ تَكْشِفَنَّ مُغَطَّأً |
|
فَلَرَبَّما كَشَّفْتَ جِيْفَه |
وَلَرُبَّ مَستُور بَدَا |
|
كالطبلِ مِنْ تَحْتِ القطيفه |
__________________
١ ـ نفس المصدر : ٣١٥ و٣١٧.