رجس ودنس ، أو بمعنى آخر عصمهم من الخطأ.
وبمعرفة المعصومين نكون قد عرفنا من هم أئمتنا ، وولاة أمورنا في تلك الآية ، فتكون الطاعة واجبة على كل مسلم لله تعالى وللرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأهل البيت عليهمالسلام ، وبذلك رسم لنا القرآن طريقنا من بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو موالاة أهل البيت عليهمالسلام ومودّتهم كما أمر الله بقوله : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (١) ، ومن هنا جاءت الأحاديث متواترة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توجب اتّباع أهل البيت عليهمالسلام ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي تارك فيكم ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، إنّ العليم الخبير أنبأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض .. (٢) فحصر هذا الحديث مسار الأمَّة من بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو في اتّباع الكتاب والعترة ، فعندما رأى الشيعة هذه النصوص تشيَّعوا لأهل البيت عليهمالسلام وتابعوهم ، فالتشيُّع يعني اتّباع أهل البيت عليهمالسلام.
ولا تتصوَّري أن الفكر الشيعي وليد ذهنيّة ابتكرت فكرة الإمامة في ظروف تأريخيّة معيَّنة ، وإنّما هو امتداد طبيعيٌّ لحركة الرسالة الإسلاميَّة ، وقد كان الصحابة الذين يوالون الإمام عليّاً عليهالسلام ـ أمثال : أبي ذر وسلمان والمقداد رضي الله تعالى عنهم ـ يسمُّونهم بشيعة عليٍّ عليهالسلام ، كما أكَّد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا المفهوم ، وجذّر هذا المصطلح في عقليَّة الأمَّة الإسلاميَّة بمجموعة أحاديث بشّر
__________________
١ ـ سورة الشورى ، الآية : ٢٣.
٢ ـ الطبقات الكبرى ، ابن سعد : ٢/١٩٤ ، كتاب السنة ، عمرو بن أبي عاصم : ٦٢٩ ـ ٦٣٠ ، السنن الكبرى ، النسائي : ٥/٤٥ ح ٨١٤٨ ، المستدرك ، الحاكم : ٣/١٠٩ ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد تقدَّم المزيد من تخريجات هذا الحديث الشريف.