بالشام ، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يردَّ ... إلى قوله : وإن طلحة والزبير بايعاني ثمَّ نقضا بيعتي ، وكان نقضهما كردِّهما ، فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق ، ظهر أمر الله وهم كارهون .. فادخل فيما دخل فيه المسلمون (١).
فقد ابتدأ أميرالمؤمنين عليهالسلام بخلافة الشيخين ، وذلك يعرب على أنه في مقام إسكات معاوية الذي خرج على إمام زمانه ، وقد أتمَّ عليهالسلام كلمته بقوله : فإن اجتمعوا على رجل .. احتجاجاً بمعتقد معاوية ، بمعنى : ألزموهم ما ألزموا به أنفسهم.
وهذه هي الخطبة الشقشقية في نهج البلاغة عن أميرالمؤمنين عليهالسلام : « أما والله لقد تقمَّصها (٢) ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى ، ينحدر عنّي السيّل ، ولا يرقى إليّ الطَّير (٣) ، فسدلت (٤) دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً (٥) ، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيدجذّاء (٦)، أو أصبر على طخية عمياء(٧) ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٣/٧٥ ، و١٤/٣٦ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : ٥٩/١٢٨ ، المناقب ، الخوارزمي : ٢٠٢.
٢ ـ الضمير عائد على الخلافة ، فهنا شبَّه الإمام علي 7 خلافة أبي بكر كالذي لبس قميصاً ليس قميصه.
٣ ـ تمثيل لسمو قدره 7 ، وقربه من مهبط الوحي ، وأن ما يصل إلى غيره من فيض الفضل فإنما يتدفَّق من حوضه ، ثمَّ ينحدر عن مقامه العالي ، فيصيب منه من شاء الله.
٤ ـ كناية عن غضّ نظره عن الخلافة ، وسدل الثوب : أرخاه.
٥ ـ مال عن الخلافة ، وهو مثل لمن جاع ، فمن جاع طوى كشحه ، ومن شبع فقد ملأه.
٦ ـ الجذّاء : المقطوعة ، ومراده 7 هنا قلّة الناصر والمعين.
٧ ـ الطخية : الظلمة ، ونسبة العمى إليها مجاز عقليٌّ ، وهو تأكيد لظلام الحال واسودادها.