يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) ... إلى آخر الخطبة.
بينما هو يقرأ أحسست برعشة تسري إلى جميع أجزاء بدني ، وجرت دمعة على خدّي .. وكيف لا أبكي وقد أحسست بأنفاس الزهراء الطاهرة عليهاالسلام تتسرَّب مع أنفاسي إلى أعماق نفسي ، فكانت تلك الكلمات حروفاً من نور تشعُّ في وجداني ، وربّ السماء والأرض لو أنكر أهل الدنيا جميعاً هذه الكلمات لعشت بها وحيدة في فيافي الأرض وقفارها ، أترنّم بأجراس كلماتها ، وترقص نفسي طرباً بأزيز أنغامها ، وهنا يكون العشق والحبُّ ، وتهيم الروح سكراً بلبِّ معناها.
كفكفت دمعي ، وتوسَّلت بخالي أن لا يقطع الحوار بسبب اضطرابي ... دعاني إلى النوم لكي تهدأ أعصابي ، قلت : كم هي الليالي التي لم نستفد منها إلاَّ النوم ، فإن كانت ليلة القدر خيراً من ألف شهر فهذه الليلة خير من ألف يوم ، فتلك الليلة تكتب فيها الأقدار ، وهذه الليلة تبعث فيها الأرواح.
وبعد إلحاح قال خالي : أختم لك هذه الليلة بحوار عمر مع جدِّنا عبد الله بن العباس ـ الذي نتشرَّف بالانتساب إليه ـ كما جاء في الكامل لابن الأثير (٢) ، وشرح النهج لابن أبي الحديد (٣) ، وتاريخ الطبري (٤).
قال عمر : أتدري ما منع قومكم بعد محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت له : إن لم أكن أدري فإن
__________________
١ ـ سورة يونس ، الآية : ٣٥.
٢ ـ ج٣ ، ص ٦٣.
٣ ـ شرح نهج البلاغة : ١٢/٥٣.
٤ ـ تأريخ الطبري : ٣/٢٨٩.