إجراء لحكمه وأمرا بالمعروف.
فالتقييد بكون المؤاخذ هو الإمام في خصوص دار الدنيا ، معلّلا بكون الإمام كان يأخذ الزكاة ، لا يخفى سخافته ، مع كونه تقييدا للنصّ من غير دليل ، إذ معنى تؤخذ به هو إلزامه به ، لا أنّه يأخذ الإمام منه فلو كان حقّ الحصاد أيضا واجبا ، لكان مؤاخذا به أيضا في الدنيا والآخرة من الله ، ومن الإمام من طرف الله تعالى ، كما هو الحال في كلّ واجب شرعي ، وجعل معنى «تؤخذ به» ، يأخذه منك الإمام ، فيه ما فيه ، سيّما بملاحظة أنّه عليهالسلام في زمان صدور هذه الروايات ما كان يأخذها. بل كان رخصهم في إعطائهم إيّاها بأنفسهم ، كما يظهر من الأخبار ، وأنّهم كانوا بأنفسهم يعطون الفقراء.
وصاحب «الذخيرة» أيضا لم يقل بوجوب حملها إلى الإمام ، بل صرّح بعدم الوجوب ، وكونه مستحبّا ، وعلّله بتعليلات ، مصرّحا بعدم اطّلاعه على نص ، بل تأمّل في تأكّد الاستحباب ، ولم يقل أيضا بأنّه يجب على الإمام أخذه وطلبه ، بل قال لو اتّفق أنّ الإمام طلبها ، وجب حملها إليه حينئذ حتّى لا يصير عاصيا (١). ولم يقل بوجوب أخذ الإمام في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا. فما ظنّك بعده؟ مع أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أمر ساعيه بعدم مؤاخذة صاحب الزكاة بها ، بل قال : إن قال لك : ليس عندي زكاة ، فلا تتعرّض له أصلا ، وإن أنعم لك منعم ، فافعل كذا وكذا ، إلى آخر ما قال (٢) فلاحظ!
أين هذا ممّا ذكره؟ مع أنّ المناسب على ما ذكره أن يقول عليهالسلام : وحقّ «تؤخذ به» في الآخرة موضع قوله : «تعطيه» ، أي تعطيه أنت من قبل نفسك ، من غير أن
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٤٦٥.
(٢) بحار الأنوار : ٩٣ / ٨٩ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٣ الحديث ١١٦٨٤.