ذكره الشهيد الثاني (١) مجرّد غفلة عن القواعد الاصوليّة والقواعد الفقهيّة ، وأنّ الواجبات المشروطة بالشروط ، جلّها ، بل وكلّها وردت مطلقة في آية أو حديث ، وكذلك الإجماعات المنقولة وغيرها ، فإنّ الإجماع على وجوب الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والجهاد وغيرها ، لا يقتضي عدم اشتراطها بشرط ، سيّما على القول بأنّ ألفاظ العبادات أسامي الصحيحة ، ومرّ ذلك مشروحا مفصّلا محقّقا في بحث صلاة الجمعة.
فإن قلت : ما غفل الشهيد ، ولا المصنّف ، ولا صاحب «الذخيرة» ، لأنّ المتبادر من الخبر المذكور أنّ وجوب الزكاة بمجرّد الدخول الثاني عشر (٢) وجوب مستقرّ لا متزلزل.
قلت : إن أردت من المستقرّ أنّه يجب عليه الزكاة على البتّ ، والقطع ، من دون رخصة ولا مداهنة في الترك أصلا ورأسا ، وإن عصى يكون معاقبا البتّة ، سواء اختلّ الشروط بعد ذلك أم لا ، وإن أعطى الزكاة يكون ممتثلا مطلقا ، وإن أخلّ الشروط ، فلا نزاع في ذلك ، فلم يظهر من الخصم خلاف ذلك أصلا.
بل الظاهر منه ؛ خلاف ما توهّمت ، لأنّ الظاهر منه أنّ الأخبار (٣) الواردة في اشتراط وجوب الزكاة ومطلوبيّته ، بل وشرعيّته بشرائط من ابتداء الحول إلى انتهائه.
وكذا فتاوى الأصحاب ، وإجماعهم على ذلك يقتضي التزلزل ، بمعنى أنّه لو اختلّ تلك الشروط ، أو واحد منها في الشهر الثاني ، ينكشف أنّ الوجوب الباتّ
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ٣٧١.
(٢) الكافي : ٣ / ٥٢٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٦٣ الحديث ١١٧٤٩.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١٢١ الباب ٨ من أبواب زكاة الأنعام.