وإن أردت أنّ الظاهر من الأخبار ، أنّ الشرائط المذكورة إنّما هي شرائط وجوب الزكاة ، فإذا كان الوجوب بمجرّد الدخول في الثاني عشر ، فأيّ معنى لكونها شرائط لتحقّق الوجوب بعد انقضاء وقت الوجوب أيضا؟ إذ الشيء بعد وجوده وتماميّته وانقضائه ، كيف يكون مشروط بشرط بعد التحقّق والانقضاء؟ مع كون الشرط شرطا لتحقّقه.
ففيه ما ذكرنا في جواب قولك الشرط مقدّم على المشروط (١) ، ونزيد هنا ونقول : شرط الوجوب على قسمين :
الأوّل : شرط لنفس الوجوب من حيث هي هي ، بحسب نفس الأمر ، كعدم الحيض لوجوب الصلاة وأمثال ذلك ممّا عرفت.
والثاني : شرط الخطاب به بظاهر الشرع ، والمطالبة بالفعل ، والمؤاخذة بالترك كانقضاء العادة ، مع انقطاع الدم ، وإن كان الظاهر من الأخبار المذكورة كون الشرائط المذكورة من قبيل الثاني ، ويكون الظاهر من الخبر الخطاب بإعطاء الزكاة وجوبا ، بمجرّد الدخول في الثاني عشر (٢) ، فالأمر كما ذكرت ، وإلّا فكما ذكره الخصم ، فلا بدّ من التأمّل في الأخبار حتّى يظهر الحال ، وإن لم يظهر الحال منها فالأمر أيضا كما ذكره الخصم ، لأصالة الحقيقة ، وأصالة البراءة ، فتأمّل جدّا!
وعدم ظهور الحال إمّا من عدم ظهور الدلالة ، أو اختلاف الأخبار في الدلالة أو اختلاف حال الشرائط بالنسبة إلى دلالة أخبارها فيما ذكر ، لعدم قائل بالفصل ، فليلاحظ تلك الأخبار ، وليتأمّل في دلالتها ، وليتأمّل أيضا فيما ذكرنا في المقام.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٨٤ و ١٨٥ من هذا الكتاب.
(٢) الكافي : ٣ / ٥٢٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٦٣ الحديث ١١٧٤٩.