الإنسان أن يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحقّ ، فإن أخّر ذلك إيثارا [به] مستحقّا آخر عليه ؛ فلا إثم عليه بغير خلاف ، إلّا أنّه إن هلك قبل وصوله إلى من يريد إعطاؤه إيّاه ، فيجب على ربّ المال الضمان.
ثمّ نقل عن بعض أصحابنا أنّه قال : بوجوب الإخراج على الفور ولا يؤخّره (١).
وقال : إن أراد وجوبا مضيّقا ، فهذا بخلاف [إجماع] أصحابنا ، لأنّه لا خلاف بينهم في أنّ للإنسان أن يخصّ بزكاته فقيرا دون فقير ، ولا يكون مخلّا بواجب ، ولا فاعلا لقبيح.
وإذا أراد بقوله : «على الفور» أنّه إذا حضر المستحقّ يجب عليه إخراج الزكاة ، فإن لم يخرجها طلبا وإيثارا بها ، لغير من حضر وهلك المال ، فإنّه يكون ضامنا ، وتجب عليه الغرامة للفقراء ، فهذا الذي ذهبنا إليه واخترناه.
فإن عدم المستحقّ له عزله من ماله ، وانتظر به المستحقّ ، فإن هلك بعد عزله من غير تفريط ، فلا ضمان ولا غرامة ..
ثمّ قال : وما روي في جواز تقديمها وتأخيرها (٢) فالوجه ما قدّمناه ، أي ما قدّم بجعله قرضا ، وما أخّر انتظارا للمستحقّ (٣) انتهى.
أقول : سيجيء التحقيق في جواز التقديم والتأخير ، وكذا في كون وجوب الزكاة فوريّا أو موسّعا ، فإنّ المصنّف ، وصاحب «المدارك» ، وصاحب «الذخيرة» اختاروا عدم الفور ، وصرّحوا بالتوسعة (٤).
ومنه يظهروهن آخر في اختيارهم كون الثاني عشر من السنة الآتية ، وكون
__________________
(١) النهاية للشيخ الطوسي : ١٨٣.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٩٩ الباب ٤٩ ، ٣٠٨ الباب ٥٣ من أبواب المستحقين للزكاة.
(٣) السرائر : ١ / ٤٥٤.
(٤) مفاتيح الشرائع : ١ / ٢١٢ ، مدارك الأحكام : ٥ / ٢٧٠ ، ذخيرة المعاد : ٤٢٨.