قال : «ما أدخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها» فقلت له : إنّه يقدر عليها ، قال : فقال : «وما علمه أنّه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه»؟ قلت : فإنّه دفعها إليه على شرط ، فقال : «إنّه إذا سمّاها هبة جازت الهبة وسقط الشرط وضمن الزكاة» ، قلت له : وكيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة؟ فقال : «هذا شرط فاسد ، والهبة المضمونة ماضية ، والزكاة له لازمة عقوبة له ، ثمّ قال : إنّما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا».
قال زرارة : قلت له : إنّ أباك قال [لي] : «من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها»؟ فقال : «صدق أبي ، عليه أن يؤدّي ما وجب عليه ، وما لم يجب [عليه] فلا شيء عليه فيه» ، ثمّ قال : «أرأيت لو أنّ رجلا اغمى عليه يوما ثمّ مات فذهبت صلاته ، أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها»؟ قلت : لا ، إلّا أن يكون أفاق من يومه ، ثمّ قال : «[أرأيت] لو أنّ رجلا مرض في شهر رمضان ثمّ مات فيه ، أكان يصام عنه؟» قلت : لا ، قال : «وكذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله إلّا ما حال عليه الحول» (١).
قال المحقّق صاحب «المنتقى» : قوله : قلت : فإنّه دفعها إليه على شرط. إلى آخره ، لا يخلو [على] ظاهره من إشكال ، ولعلّ المراد منه أن الدفع وقع بعد وجوب الزكاة بإهلال الثاني عشر ، والشرط ما في ذهن الدافع من قصد الفرار من تعلّق الزكاة بذمّته ، فهو في قوّة اشتراط أن لا تكون عليه زكاة ، فمن حيث أنّه لم يشترط على المدفوع إليه شيئا ، تمضي الهبة في جميع الموهوب ، وإن كان بعضه مستحقّا للزكاة ، فإنّ ذلك غير مانع من نفوذ التصرّف فيه ، بل ينتقل الحقّ إلى ذمّة المتصرّف ، ومن حيث أنّ قصد الفرار إنّما وقع بعد الوجوب ، يسقط هذا الشرط
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٢٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٦٣ الحديث ١١٧٤٩ مع اختلاف يسير.