«نعم ، إنّما هو مالك». قلت : فإن أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتّى يحول عليها الحول ازكّيها؟ قال : «إن كنت تعرف أنّ فيها من الفضّة ما يجب فيه الزكاة ، فزكّ ما كان لك فيها من فضّة ودع ما سوى ذلك من الخبيث». قلت : وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضّة [الخالصة] إلّا أنّي أعلم أنّ فيها ما يجب فيها الزكاة؟ قال : «فاسبكها حتّى تخلص الفضّة ويحترق الخبيث ثمّ تزكّي ما خلص من الفضّة لسنة واحدة» (١).
ولعلّ المراد أنّ السبك لخلوص الفضّة ، واحتراق الخبيث يرتكب لإخراج الزكاة سنة واحدة ، ويكون في السنوات الاخر يعطي الزكاة بذلك الحساب ، لأنّه عرف مقدار الخالص في تلك السنة الواحدة ، وباقي السنوات عمله فيما عمله في تلك السنة ، لأنّها كانت شغله وعمله ، فيضبط فعله حتّى لا يبتلى كلّ سنة بضرر السبك ، وإحراق الخبيث وخسارته فيه ، وإبطال صنعة الدراهم وتضييعها.
مع أنّ بإزائها اجرة ومنفعة ، ومنفعته إنّما هي في صنعته ، والله يعلم.
إذا عرفت هذا فاعلم! أنّه إن جهل بلوغ حدّ النصاب ، فالذي قال به الفاضلان وغيرهما : إنّه لم يجب التصفية لمعرفة البلوغ ، ولم يجب الزكاة حينئذ ، لأنّ وجوبها مشروط ببلوغ النصاب ، ولم يجب تحصيل مقدّمة الواجب المشروط ، ولا يحصل العلم بها (٢).
هذا بخلاف ما لو جهل القدر بعد ما علم البلوغ ، لأنّ الذمّة اشتغلت بها يقينا ، فلا بدّ من تحصيل اليقين بالبراءة.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥١٧ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٥٣ الحديث ١١٧٢٣ مع اختلاف يسير.
(٢) المعتبر : ٢ / ٥٢٥ ، منتهى المطلب : ١ / ٤٩٤ ط. ق ، نهاية الإحكام : ٢ / ٣٤٣ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٤ / ٩٩ ، مدارك الأحكام : ٥ / ١٢٢.