واحتجّوا على الأوّل بما رواه سويد بن غفلة قال : أتانا مصدّق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : نهانا أن نأخذ الراضع وأمرنا أن نأخذ الجذع والثنيّة (١).
والسند ضعيف ، وكذا الدلالة ، لكن الفتاوى والإجماع المنقول يجبر ضعفهما كما لا يخفى. فتقيّد الإطلاقات به لضعف دلالتها على العموم ، إذ لعلّ المقام مقام إظهار حدّ النصب ، وتميز نصب الشاة عن نصب الإبل وأسنانه ، ولذا لم يتعرّض لذكر المنع عن أخذ الهرمة ونحوها ممّا ذكر وسيذكر.
مع أنّ الاطلاقات ربّما تنصرف إلى الأفراد الشائعة أو الغالبة ، أو الكاملة.
مع أنّ إرادة المتولّد منها حين تولّدها أيضا لعلّه بعيد البتّة ، وتعيّن ما فوق ذلك بنحو لا يكون منشأ تأمّل من أهل العرف أصلا ، ويكون لهم حدّا مضبوطا معيّنا ، يرجعون إليه في هذا الواجب الشديد الأكيد الذي يعمّ به البلوى به ، فيه ما فيه ، فتأمّل جدّا!
مع أنّ النفوس في غاية الميل إلى عدم إعطاء الزكاة ، كما هو المشاهد.
فلو كان المتولّد من حين تولّده كافيا ، والمالك مخيّرا بينه وبين قيمته ، لاشتهر ذلك اشتهار الشمس ، لعموم البلوى وتوفير الدواعي ، فكيف صار الأمر بالعكس إلى أن لم يقل به إلّا قائل مجهول اتّفق النقل عنه في كتاب واحد؟
والمكلّفون ليس بناؤهم عليه في الأعصار والأمصار بلا خفاء واستتار ، بل لعلّه لو ذكر ذلك لهم ليشمأزّون عنه ، ويتعجبون ويضحكون منه.
مع أنّ اعتبار كون الإبل بنت مخاض ، لا أقلّ في أوّل درجة الزكوات الإبليّة ، ثمّ بعدها اعتبار الأسنان العالية ، لا يلائم كفاية المتولّد من الجنين في الشاة.
وكذا لا يلائمها سائر الزكوات ، مضافا إلى العلل الواردة في وجوب
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ١٠٠ مع اختلاف يسير.