فعلى فرض منافاة الإجماع لظواهرها ، لا بدّ من حملها على ما يوافقه لا أزيد ، كما هو الحال في سائر المسائل الفقهيّة ، سيّما مع كون الأخبار المذكورة حجّة ، ومعمولا بها كما ستعرف ، سيّما بعد ملاحظة مضمونها من الآداب المرعيّة بالنسبة إلى المالك.
وعلى هذا نقول : لو كان حق الفقير منحصرا فيما له ستة أشهر ، ولم يكن له حقّ أزيد منه أصلا كما صرّح هؤلاء به (١) ، لكان اللّازم ردّ ما زاد من القيمة إلى المالك ، أو الاستيهاب منه.
وأين ما ذكر من ظاهر الروايات؟ سيّما مع ما في بعضها من المبالغة التامّة في مراعاة جانب المالك من وجوه كثيرة مذكورة فيه (٢).
وكذلك الحال في البناء على كون أخذ الزكاة بالصدع والتخيير عوضا عمّا له ستة أشهر بالقيمة السوقيّة ، وبعد تعيين قيمة كلّ واحد من العوضين في كلّ واحد من الزكاة والصدقة بمن زاد ومن يزيد ، كما ظهر من بعضها ، أو بأهل الخبرة من السوق ، أو غير ذلك.
ثمّ وقوع الرضا من الطرفين ، وكون المعاوضة بمحض رضاهما ، ووقوع الأخذ بمحض الرضا ، ووجوب ردّ ما زاد إلى الطرفين ، أو الاستيهاب منهما ، لأنّه في غاية البعد وشدّة المخالفة للظاهر ، سيّما إذا كان الاستيهاب من العامل ، بل الردّ من العامل أيضا.
وأبعد من الكل اتّفاق وقوع المعاوضة بين ماله ستّة أشهر ، وما يكون له سنة كاملة ، وما زاد عن السنة بالتفاوت الكثير غاية الكثرة ، الواقع في الزيادات على
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٥ / ٩٣ ، ذخيرة المعاد : ٤٣٦ ، الحدائق الناضرة : ١٢ / ٦٦ مع اختلاف يسير.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٩ الباب ١٤ من أبواب زكاة الأنعام.