أقول : قال في «المبسوط» في زكاة الإبل : وليس الخيار للساعي من استيفاء أجوده ، ولا للمعطي أيضا أن يعطي رديئة ، وإن تشاحّا اقرع بين الإبل ، ويقسّم أبدا حتّى يبقى المقدار الذي فيه ما يجب عليه ، فيؤخذ عند ذلك .. إلى أن قال : فإن كانت الإبل كلّها مراضا أو معيبا ، لم يكلّف شراء صحيح ، ويؤخذ من وسط ذلك لا من جيّدها ، ولا من رديئها ، فإن تشاحّا استعمل القرعة.
وقال في زكاة البقر بعد ما ذكر : إنّ نصاب الأوّل ثلاثون ، والثاني أربعون ، وأنّ الفرض في الأوّل تبيع أو تبيعة ، والثاني مسنّة لا غير : والخيار إلى ربّ المال ، غير أنّه لا يؤخذ منه الردي ، ولا يلزمه الجياد ، بل يؤخذ وسطا ، فإن تشاحّا استعمل القرعة.
وقال في زكاة الغنم أيضا : هو صريح في أنّ الفقير شريك صاحب المال ، ويقسّم المال بينهما على قدر المال ، كما ذكرنا عنه فيما سبق في زكاة الغنم والبقر ، وقال بعده : وكذلك الإبل إذا كانت عنده ستّ وعشرون ، بعضها عربيّة ، وبعضها بختيّة ، وبعضها ألوك ، وغير ذلك ، وجب فيها بنت مخاض على قدر المال.
قال : وكذلك الحكم في الغلّات ، مثل أن يكون طعام بلغ النصاب ، بعضه أجود من بعض ، أو التمر بعضه أجود من بعض ، أو الزبيب مثل ذلك ، أخذ ما يكون على قدر المال ، وكذلك الذهب والفضّة ، بأن يكون البعض دنانير صحاحا ، وبعضها مكسّرة (١) ، انتهى.
فظهر أنّ حكمه بالقرعة ليس إلّا من جهة شركة الفقير ، والتشاحّ في مقام القسمة ، ولا شكّ في أنّ ما ذكره حقّ بعد ثبوت الشركة ، إذ كلّ مشترك مشاع حكمه في القسمة كذلك ، وقد أشرنا فيما سبق إلى بعض ما دلّ على شركته ، مع أنّه
__________________
(١) المبسوط : ١ / ١٩٤ و ١٩٥ و ١٩٧ و ٢٠١.