كثير ، مع أنّه مسلّم لا تأمّل لأحد فيه ، سيّما القائل بأنّ الزكاة متعلّق بالعين ، ولذا يوزّعون الخسارة والغرم على السهام ، بل النفع والغنم أيضا ـ كما لا يخفى ـ ألا ترى! إلى أنّ قولهم فيما سقت السماء العشر ـ مثلا ـ ، يقتضي أن يكون عشر الزرع بعينه حصّة الفقير وحقّه ، فإذا كان كلّه جيّدا يكون حصّة الفقير أيضا كذلك ، وكذا لو كان رديئا ، وكذلك إذا كان بعضه جيّدا وبعضه رديئا.
ولا شكّ في أنّ المالك لا يجوز له أن يعطي حصّة الفقير من خصوص الرديّ ، بعد ما ظهر من الدليل أنّ عشر المجموع من حيث المجموع مال الفقير ، فلا بدّ أن يكون حصّة الفقير على مقدار المال.
فلو شرع المالك بإعطاء الأجود فهو إحسان منه ، وخير استبق إليه.
ولو وقع التشاحّ والتنازع بين المالك والساعي أو الفقير ، بأن يقول المالك : هذا حقّك وحصّتك في هذا المال المشترك ، ويقول السّاعي مثلا : ليس كذلك بل هو أزيد ، لأنّه أجود ، استعملا القرعة كما هو الحال في كلّ مال مشترك.
لا يقال : المالك له اختيار المثل أو القيمة.
لأنّا نقول : الأمر كذلك ، لكن اختيار مثل حقّ الفقير وقيمته ، لا إعطاء منّ من الحنطة ـ مثلا ـ كيفما كانت الحنطة ، لما عرفت من كون حقّ الفقير عشر الحنطة التي حصلت للمالك في زرعه ، وكذلك في نصف العشر فيما سقي بالدوالي مثلا.
وكذلك الحال في ربع العشر في زكاة الذهب والفضّة ، وزكاة الغنم في النصاب الأوّل كما قلنا سابقا ، فلا يمكن للمالك أن يعطي خصوص المكسّر في النقدين ، كما قال الشيخ (١) ، والغنم الرديّ عن الجياد ، كما هو ظاهر لا خفاء فيه.
والحاصل ؛ أنّه لا إشكال في شيء ممّا ذكر ، وأنّه ليس للمالك اختيار إعطاء
__________________
(١) الخلاف : ٢ / ٧٨ المسألة ٩٣ مع اختلاف يسير.