ومع ذلك قال عليهالسلام : «ثمّ أخلطهما واصنع كما صنعت أوّلا» (١) ، فإنّ هذا بعيد عن الاستحباب ، وسيّما بملاحظة أنّ الظاهر منها أنّه ليس له الاستقالة غير مرّة واحدة ، كما ستعرف.
هذا كلّه ؛ مع ملاحظة أنّه عليهالسلام أمره بآداب كثيرة ، ومراعاة غير عديدة بالنسبة إلى المالك ، ومع ذلك أمر بالتخصيص القهري ، والتخيير بعده.
وأين تلك الآداب في هذا القهري؟ مع أنّه لعلّه فرع وجود قائل بذلك ، وأنّ القائلين بالمسمّى بنوا على ذلك ، ولم نجد منهم.
فإن قلت : القائل بالمسمّى لعلّه لا يقول باليقين باشتغال الذمّة بأزيد من المسمّى وأقلّه ، اتّكالا بأصالتي العدم والبراءة.
قلت : لم يتمسك إلّا بالإطلاق ، والصدق على المسمّى ، ولو تمسّك بالأصل أيضا ، فالأصل لا يعارض ما ذكرناه بلا شبهة ، لأنّه لا يعارض الدليل.
سلّمنا ؛ لكنّ الأصل لا يجزي في العبادات ، كما مرّ في تكبيرة الإحرام وغيرها ، على أنّ دعوى تبادر أقلّ ما يسمّى تبيعا من البقر وأردإ ، وأرخص ما يكون قيمة منه في زكاة ثلاثين جاموسا ، كلّ واحد منها في غاية الجودة وعلوّ القيمة ، وكذلك الحال في مسنّة البقر الرديئة نهاية الرداءة بالنسبة إلى أربعين من الجاموس المذكورة ، فيه ما فيه.
وكذلك الحال في الإبل العرابي واللوك والبخاتي ، لعدم الفرق.
والمقام الثاني : إنّ المالك هل له أن يعطي الذي وجب عليه ، ويتسلّط في ذلك؟ أم للساعي أو الفقير أن يشاحّ معه حتّى تقع القرعة لتعيّن حقّهما؟ ـ كما نقل
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٠ الحديث ١١٦٧٨.