وترتيبها ، وسوقها ورعيها ساعة ، فضلا عن يوم ، فضلا عن أكثر منه ، فتصير مهزولات ومعيوبات ، ومورد آفات ، بل وتموت.
ومن هذه الجهة يعاملون معاملة المضطرّين ، فلا يشترون منه بنصف القيمة ، فضلا عن القيمة ، وصاحب المال ربّما كان يحبّها ، من جهة انسه بها ، والفه ، وتربيته ، ببيع نفسه بها ويشتريها بقيمته ، لو لم يشتر بأزيد.
وبالجملة ؛ بملاحظة جميع ما ذكر وأمثال ما ذكر ، فإنّ المشهور قالوا بالجواز ، لعلّه لا يبقى تأمّل فيه ، فتأمّل في جميع ما ذكرناه ونظائره تجد ، بل عرفت الإجماع المنقول ، وهو حجّة كما هو المحقّق المسلّم عند المحقّقين.
فما أورده المحقّق (١) ؛ فيه ما فيه ، لأنّ الإجماع المنقول غير الإجماع اليقيني الثابت على اليقين ، ولا يكون أنقص من خبر واحد ، ولم يرد في الغلّات الأربع إلّا خبر واحد ، مع أنّه في خصوص الحنطة والشعير.
والتمسّك بعدم القول بالفصل ، فرع ثبوت إجماع مركّب ، وهو غير ثابت عنده بلا شبهة ، بمثل ما ذكرنا في المقام ، كما لا يخفى على المطّلع بطريقه.
سلّمنا ، لكن الإجماع المنقول أيضا من جملة الضمائم إلى جميع ما قلنا ، من أنّه من ملاحظتها لا يبقى تأمّل ، بل ربّما كان المنع وعدم الرضا بالقيمة سفاهة ، أو لغوا بحتا بعد ملاحظة صحّة شرائه من الساعي في الساعة التي أعطاها إيّاه ، وكونه أحقّ بها من غيره كما عرفت ، والله يعلم.
وأمّا بعث الإمام من يأخذ هذه الأنعام مع وجودها ، وإلّا فأخذ القيمة ، فمعلوم أنّهم كانوا يبعثون العمّال لباقي الأجناس ، والتفاوت أنّ الأجناس الباقية مثله متساوية الأجزاء ، مضبوطة القيمة ، ومعروفا غالبا وعادة ، بخلاف الأنعام
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٥١٧.