وما رواه أيضا عن أبي بصير قال : سألت الصادق عليهالسلام عن رجل من أصحابنا له ثمانمائة درهم وهو رجل خفّاف وله عيال كثير ، أيأخذ من الزكاة؟ فقال : «أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل»؟ قال : قلت : نعم ، قال : «كم يفضل»؟ قلت : لا أدري ، قال : «إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة ، وإن كان أقلّ أخذ الزكاة» قلت : فعليه في ماله الزكاة [تلزمه]؟ قال : «بلى» [قال : قلت : كيف يصنع؟ قال] : يوسّع بها على عياله في طعامهم وكسوتهم ، وإن بقي منها شيء يناوله غيرهم وما أخذ من الزكاة فضّه على عياله حتّى يلحقهم بالناس» (١).
وغير خفي ؛ أنّ المرعى فيه هو السنة ، إذ الظاهر أنّ المراد قوت السنة ونصف قوتها ، لا اليوم ولا مدّة العمر ، واعتبار ستّة أشهر أو أزيد كذلك ، أو أنقص في غاية البعد ، بل لا يعتبر عرفا ولا شرعا ، وإنّما قلنا لا اليوم ، لأنّ هذا النصف للكسوة ونحوها ممّا يعرض في عرض السنة.
والظاهر ؛ أنّه في ذلك الزمان كان يكفي نصف القوت لسائر المؤن اللازمة.
وبالجملة ؛ لا خفاء في أنّ المتبادر هو ما ذكرنا ، مضافا إلى ملاحظة اعتبار الزكاة ، مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ المتبادر من المئونة مئونة السنة ، وكذلك القوت والكفاية ونحوهما ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ اليوم ونحوه غلط يقينا ، وكذلك حال العمر ونحوه ، ومثل هذه الأخبار كثيرة.
والحاصل ؛ أنّ هذه الأخبار صريحة الدلالة في بطلان ما نقل عن الخلاف ، وواضحة الدلالة في أنّ العبرة في الغنى بعدم الحاجة ، وفي الفقر بالحاجة ، من دون اعتبار الدوام في الأوّل ، وعدمه في الثاني موافقا لما ذكرنا ، ممّا دلّ على أنّ الزكاة
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٦٠ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣٢ الحديث ١١٩٠٨ مع اختلاف يسير.