نعم ؛ إن كان له الحرفة والتكسّب ، وعنده هذه السبعمائة ، أو أقلّ أو أكثر ، بحيث يكون نصابا يجب فيه الزكاة إذا بقي في ملكه حولا ، فهذا لا تحلّ له الزكاة مطلقا ، لا بأن يأخذ هو ، ولا بأن تكون زكاته صدقة على عياله ، ولذا قال في الثاني : لا تحلّ له ، بعنوان الإطلاق وفي مقابل الأوّل ، وهو قوله : فلا يأخذها ، أي هو بعد قوله : «زكاته صدقة». إلى آخره.
والحاصل ؛ أنّه عليهالسلام جعل صاحب السبعمائة على ثلاثة أقسام :
قسم ؛ أنّها دون مئونة سنته ، بحيث أنّه إذا اعتمد في نفقته وكسوته وباقي مئونته عليها لم تف لسنته ، فهذا يحلّ له أخذ الزكاة مطلقا ، كما أفتى به الجلّ ، لو لم نقل بالإجماع ، مضافا إلى ما عرفت من الأدلّة والشواهد الكثيرة المعيّنة له.
وقسم ؛ أنّه يحترف بها أو غيرها ، وتبقى هي في ملكه سنة ، وهو مستغن عنها في المؤن ، فجعل هذا القسم من جملة الأغنياء الذين لا يحلّ لهم أخذ الزكاة مطلقا.
وقسم آخر ؛ مثل الثاني في البقاء سنة كلّها أو بعضها الذي يجب فيه الزكاة ، فهذا أيضا من حيث تملّكه مئونة السنة لا يحلّ له أخذها ، كما قاله الفقهاء ، لا كما قاله المصنّف : من اشتراط دوام القدرة على كفاية المئونة ، فهو يبطل مذهبه.
فهذا وإن حرّم على نفسه أخذ الزكاة ، إلّا أنّه يحلّ جعل زكاة نفسه صدقة على عياله ، وورد في غير واحد من الأخبار ، إنّ من وجب عليه الزكاة في ماله ، يصرف هذه الزكاة في عياله ، يوسّع عليهم مثل الإدام ، وما يصلح لهم من الطعام ، وغير ذلك (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٢ الحديث ١١٩٣٣.