قلت : هذا الاحتمال أظهر إلّا أنّ مفاسده أشدّ ، حتّى أنّه كذب صريح ، لتصريح أكثر المتأخّرين بفتواهم بمضامينها في المقام ؛ أي مقام معرفة المستحقّ للزكاة للفقر من دون إشارة إلى تأمّل أحد فيها ، بل كلماتهم مع صراحتها ظاهرة في كونها محلّ الوفاق.
بل وصرّح بذلك على ما عرفت من القدماء مثل السيّد ، وقد عرفت كلامه (١) ، وفي «الانتصار» أيضا صرّح بالإجماع المذكور (٢) ، فلاحظ كلامه وكلام غيره من القدماء والمتأخّرين ، ولغاية اشتهار كتبهم ، ونهاية صراحة ما ذكروه فيها ، لم نطوّل الكلام بذكر ما صرّحوا به.
ويجيء في ذكر ؛ الفروع الآتية ما ينادي إلى ذلك بأعلى صوته فلاحظ!
هذا ؛ بخلاف الاستثناء مثل الدابّة ، إذ ربّما لم يتعرّض له أصلا ، وربّما تعرّض لاستثناء خصوص الدار والخادم ليس إلّا ، كما فعل في «النافع» (٣).
فإن كان ما ذكروه في تعريف الغنى يشمل أمثال الدار ، وتحقّق الإجماع على استثنائها بما ذكره بعض الفقهاء ، فتحقّق الإجماع في المقام وثبوته أولى ثمّ أولى بمراتب شتّى ، بل وأين الثريا من الثرى؟
هذا كلّه ؛ مضافا إلى ما عرفت من عدم دلالة هذه الأخبار على صحّة مختاره أصلا ، بل ووضوح دلالتها على بطلانه كمختار أبي حنيفة ، ومضافا إلى ما عرفت من أنّ المذكور في كلام الشيخ وأمثاله مطلق لفظ المئونة من دون التقيّد بالدوام والسنة.
__________________
(١) الناصريّات : ٢٨٨.
(٢) الانتصار : ٨٢.
(٣) المختصر النافع : ٥٨.