فما حالك إذا نوديت في أعوان الظلمة»؟ [قال] فوجم أبي ، فقال عليهالسلام : «لمّا رأى ما أصابه إنّما خوّفتك بما خوّفني الله» (١) ، فجعل مجرّد المعاملة مع الظالم إعانة له ، إلى غير ذلك.
فظهر كون ما ذكره الفقهاء في المقام ، وفي كون دين الغارم مشروعا ، وكون سفر ابن السبيل كذلك ، وفي اشتراط الإيمان ، وغير ذلك من أمثال ذلك ، كما عرفت الكلّ من أنّه إعانة في الإثم ، وإعانة الإثم ، وإعانة الظلم حقّا ، كما أشرنا إليه من أنّ الإعانة فيه غير منحصرة في نفس الإثم ، بل كلّ شيء يصير سببا لقوّة في الإثم يتعيّش به ، ويترفّه وتنتظم أحواله ، أو له مدخليّة في ذلك. بكونه إعانة في الإثم ، لأنّ له مدخليّة فيه ، إذ لو اختلّ نظامه لعلّة لم يكن كذلك ، بل يضطرب ويتشوّش ، كما هو مشاهد.
وقال الله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٢).
وبالجملة ؛ الأحوط بل الواجب أن يقول للعاصي : ما لم ترفع اليد عن عصيانك ما أعطيك ، لأنّ النهي عن المنكر ، والزجر عن المعصية واجب عليّ ، مضافا إلى أنّي أخاف أن أكون من عوان العاصين والظالمين ، وأن لا تحصل البراءة باليقين ، سيّما مع دعوى المرتضى الإجماع وابن زهرة أيضا (٣) ، وكون الإجماع المنقول حجّة ، ووجود المخالف المعلوم النسب في الإجماع لا يضرّ ، كما عليه فقهاؤنا ، وحقّق في الاصول (٤) ، وحقّقناه في مبحث صلاة الجمعة (٥).
__________________
(١) الكافي : ٥ / ١٠٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧٨ الحديث ٢٢٢٩١ مع اختلاف يسير.
(٢) العلق (٩٦) : ٦ و ٧.
(٣) الانتصار : ٨٢ ، غنية النزوع : ١٢٤.
(٤) معارج الاصول : ١٣٢ و ١٣٣ ، معالم الدين في الاصول : ١٧٣ ، الرسائل الاصولية : ٢٨٥ و ٢٨٦.
(٥) راجع! الصفحة : ٣٢٤ ـ ٣٣١ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.