وصرّح في كتابه «العلل» أنّه ليس كتاب عمله (١) ، ولا يتوهّم أحد أنّ ما أتى به فهو مرضي عنده ، بل يذكر فيه كلّ ما تضمّن علّة ، وإن لم يكن حقّا وكان باطلا ، صرّح بذلك فيه ، بل ربّما صرّح فيه مكرّرا ، بل في أوّل «الفقيه» أيضا أشار بذلك ، حيث قال : لم أقصد في هذا الكتاب. إلى آخره (٢) ، فلاحظ!
وقد بسطنا الكلام في ذلك في رسالتنا في عدم تحريم الجمع بين العلويّتين (٣).
وبالجملة ؛ الحديث المذكور ضعيف قطعا ، غير منجبر أصلا ، بل ومخالف للإجماعات المتعدّدة المذكورة في بحث جواز إعطاء الزكاة إلى أن يغني ، وبحث عدم جواز إعطاء الزكاة للفاسق.
والأخبار المتواترة المذكورة في المبحثين (٤) ، وغير المذكورة فيهما ما هو حجّة لهما ، سواء كانت لجميع الفقهاء كما في الأوّل ، أو حجّة لكلّ واحد واحد من المتنازعين من الفقهاء ، كما في الثاني ، فإنّ الأخبار الدالّة على عدم جواز الإعطاء للفاسق ، قد عرفت الأخبار الدالّة على الجواز ، بناء على عموم لفظ المؤمن والعارف ونحوهما أيضا قد أشرنا إليها ، وكذا مخالف لما ظهر من القرآن (٥) ، والأخبار المتواترة في تحريم إعانة الإثم والظالم وغير ذلك (٦).
فكيف يقول عليهالسلام : أعط الفاجر بقدر ، لأنّه ينفقه في معصية الله تعالى؟ فالخبر مجمع عيوب كثيرة : الضعف ، والشذوذ ، ومخالفة الإجماعات ، والإجماع يقينيّ ،
__________________
(١) علل الشرائع : ٢ / ٣٥٠ ذيل الحديث ٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.
(٣) راجع! الرسائل الفقهية : ١٧٥ ـ ١٩٤.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٩ و ٢٥٨ الباب ١٧ و ٢٤ من أبواب المستحقّين للزكاة.
(٥) المائدة (٥) : ٢.
(٦) راجع! وسائل الشيعة : ١٦ / ٥٥ الباب ٨٠ من أبواب جهاد النفس.