وأمّا ابن إدريس فادّعى الإجماع على النحو الذي ذكره المصنّف (١) ، والمحقّق في مقام الردّ عليه ، ونهاية الطعن والمبالغة فيه ، قال : ما عرفنا أحدا من فقهاء الإسلام ، فضلا عن الإماميّة ، أوجب الفطرة على الزوجة من حيث هي ، بل ليس يجب فطرة إلّا عمّن يجب مئونته ، أو تبرّع بها عليه (٢). إلى آخر ما قال.
وهو في غاية الظهور في تسليم دعواه بالنسبة إلى واجب النفقة ، إذ لو كان هذا أيضا محلّ تأمّل أحد من المسلمين والشيعة ، لاقتضى المقام الطعن عليه فيه أيضا ، كما لا يخفى على المتأمّل في كلامه ، مع أنّ ذلك يظهر أيضا من كلامه في المملوك ، كما ستعرف.
قوله : (في المملوك). إلى آخره.
أقول : قد عرفت أنّ الحال في الزوجة أيضا كذلك ، لكن العلّامة قال : أجمع أهل العلم كافّة على وجوب إخراج الفطرة عن العبيد الحاضرين غير المكاتبين والمغصوبين. إلى أن قال : لأنّ نفقته واجبة على المولى ، فيندرج تحت العموم بإيجاب الفطرة عن كلّ من يعول (٣).
وقال في «المعتبر» : تجب الفطرة عن عبده الغائب الذي يعلم حياته ، والآبق والمرهون والمغصوب. وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم (٤).
وقال أبو حنيفة : ولا تلزمه زكاته لسقوط نفقته ، كما يسقط عن الناشز (٥).
__________________
(١) السرائر : ١ / ٤٦٦.
(٢) المعتبر : ٢ / ٦٠١ و ٦٠٢.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ٥٣٤ ط. ق.
(٤) المغني لابن قدامة : ٢ / ٣٦٠ ، المجموع للنووي : ٦ / ١١٥ ، مغنى المحتاج : ١ / ٤٠٤.
(٥) لاحظ! بدائع الصنائع : ٢ / ٧٠ و ٧١.