ولا يضرّ ذلك قولهم عليهمالسلام : «صاع من برّ» وأمثاله (١) ، لما عرفت من أنّ الخصوصيّة غير معتبرة ، فتضعف الدلالة ، لو لم نقل بالانتفاء ، فلا يقاوم ما ذكر فضلا عن أن يغلب ، ويعضد الضعيف جواز الإخراج كذلك من باب القيمة ، كما صرّح به المانع ، وهو المحقّق الكيدري (٢) ، وإن نقل عن الشيخ في «المبسوط» المنع (٣) ، من دون التصريح بما ذكر ، لأنّ الظاهر كون كلامه في الإخراج أصالة لا قيمة ، وكيف وهو يجوّز القيمة ، كيف كانت في «المبسوط» على ما ستعرف.
وبالجملة ؛ إذا كان يجوز ذلك قيمة ، وجواز القيمة معادل لجواز الأصل من دون تفاوت أصلا ورأسا ، بأنّه يجوز للمكلّف أيّ ذلك فعل ، من دون تفاوت مطلقا.
فلا وجه لقصر المعصوم عليهالسلام في مقام وجوب إعطاء الفطرة وكيله على خصوص الأصالة ، وعدم الرخصة في القيمة ، مع كونها مرخّصا فيها مطلقا ، وبالمرّة من دون شائبة حزازة أصلا ورأسا ، فضلا عن المنع.
فظهر أنّ الذكر كان على سبيل المثل ، أو عادة الناس ، أو غير ذلك ممّا ليس جهته المنع ، بل ولا الحزازة.
ويعضد ما ذكرناه ما احتجّ به في «المختلف» ، بأنّ المطلوب شرعا إخراج الصاع ، وليس تعيين الصاع معتبرا في نظر الشرع ، وإلّا لما أجاز التخيير ، ولأنّه يجوز إخراج الأصواع المختلفة من الشخص الواحد عن جماعة ، فكذا الصاع الواحد ، ولأنّ التخيير واقع في الجميع ، فكذا في أبعاضه للمساواة في الماليّة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٢ الباب ٦ من أبواب زكاة الفطرة.
(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٣.
(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٣ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٢٤١.