واستثنى المتأخّرون الأب والجد ، فجوّزوا لهما إقراض مال الطفل ، وإن لم يكن مليئين (١) ، ولعلّه لما يظهر من إطلاق بعض الأخبار ، مثل ما ورد في جارية الولد الصغير إذا أراد الأب وطؤها أنّه يقوّمها على نفسه (٢) ، ولم يشترطوا ملائته ، وبعض الأصحاب استشكل ذلك (٣) ، وليس المقام مقام تمام التحقيق.
وأمّا اشتراطهم كون المتصرّف وليّا لهما ، ولأنّ التصرّف في مالهما يتوقّف على رخصة من الشرع ، وهي مقصورة في الولي.
نعم ، لو توقّف المصلحة على التصرّف المذكور مع تعذّر الولي أمكن الجواز من غيره ، إذا كان وثوق به ، سيّما إذا تضرّر بعدم هذا التصرّف ، أو خيف التضرّر ، لكونه قريبا لمال اليتيم بالتي هي أحسن ، ولكونه محسنا.
مع أنّه تعالى قال (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٤).
وقال (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٥) ، إلى غير ذلك مثل قوله تعالى : (تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ) (٦) إلى غير ذلك من أمثال ذلك ، وإن كان كلّ واحد ممّا ذكر مطلقا ، غير مقيّد بتعذّر الولي ، إلّا أنّه لعلّ الإجماع ، قيّده ، لكن ظاهر الأصحاب لعلّه انحصار التصرّف في الولي ، ومنه الإمام ، وأمّا إذا اضطرّ إلى التصرّف وتعذّر الولي ، فيجوز حسبة كما هو الحال في الاضطراريّات.
نعم ، ورد في حديث صحيح : أنّ قاضي الكوفة صيّر بعض الأصحاب قيّما
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ٣٥٦ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٤ / ١٤ ، الحدائق الناضرة : ١٢ / ٢٥.
(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٤٥ الحديث ٩٦٩ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ٢٦٨ الحديث ٢٢٤٩٠.
(٣) مدارك الأحكام : ٥ / ١٩.
(٤) الأنعام (٦) : ١٥٢.
(٥) التوبة (٩) : ٩١.
(٦) المائدة (٥) : ٢.