وشاعت هذه [عنه](١) ببغداد ، فبلغت الرشيد ، فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلىاللهعليهوسلم في سرقة الحليّ ، فدعا بعود ، فقال الرشيد : أعود المجمر؟ فقال : لا ، ولكن عود الطرق (٢) ، فتبسم ففهمها إبراهيم ، فقال : لعلك يا أمير المؤمنين بلغك حديث السفيه الذي آذاني بالأمس ، وألجأني أن حلفت؟ قال : نعم ، فدعا له الرشيد بعود فغنّى :
يا أم طلحة إن البين قد أفدا |
|
قلّ الثواء لئن كان الرحيل غدا (٣) |
فقال له الرشيد : من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال : من ربطه الله. قال : فهل بلغك عن مالك في هذا شيء؟ قال : إي (٤) والله أخبرني أبي أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت لبني يربوع ، وهم يومئذ أجلّة ، ومالك أقلهم فقها وقدرا ، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنّون ويلعبون ، ومع مالك دف مربع وهو يغنّيهم :
سليمى أجمعت بينا فأين تقولها (٥) أينا |
|
وقد قالت لأتراب : لها زهر ، تلاقينا |
تعالين فقد طاب لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم. وفي هذه السنة مات إبراهيم بن سعد وهو ابن خمس وسبعين سنة.
كذا قال ، وذكر حصن الأول مزيد في نسبه.
أخبرنا بهذه الحكاية أعلى من هذا بدرجتين أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي ، نا أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران الصفار الضرير ـ قراءة عليه ـ في المحرم سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ، نا
__________________
(١) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٢) في تاريخ بغداد : الطرب.
(٣) البيت في ديوان عمر بن أبي ربيعة ط بيروت ص ١٠٤ برواية :
أبلغ سليمى بأن البين قد أفدا |
|
وأنبئ سليمى بأنا رائحون غدا |
(٤) في تاريخ بغداد : لا والله ، إلّا أن أبي أخبرني ..
(٥) في تاريخ بغداد : لقاؤها.