علي بن الحسن بن خلف أبو القاسم ـ بمصر ـ نا عبيد الله بن سعيد بن عفير ، عن أبيه قال : قدم إبراهيم بن سعد الزّهري العراق سنة أربع وثمانين ومائة ، فأكرمه الرشيد وأظهر بره ، وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله ، وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزّهري فسمعه يتغنّى فقال : لقد كنت حريصا على أن أسمع منك ، فأمّا الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال : إذا لا أفقد إلّا (١) شخصك وعليّ وعليّ إن حدّثت ببغداد ـ ما أقمت ـ حديثا حتى أغنّي قبله ، وشاعت هذه عنه ببغداد ، فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلىاللهعليهوسلم في سرقة الحليّ فدعا بعود فقال الرشيد : أعود المجمر؟ قال : لا ولكن عود الطرق (٢) ففهمها إبراهيم بن سعد فقال : لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت؟
قال : نعم ، ودعا له الرشيد بعود فغناه :
يا أم طلحة إن البين قد أفدا |
|
قلّ الثواء لئن كان الرحيل غدا |
قال له الرشيد : من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال : من ربطه الله ، قال : فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء؟ قال : لا ولكنه أخبرني أبي أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم حينئذ جلة ومالك أقلّهم من فقهه وقدره ، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم :
سليمى أجمعت بينا فأين لقاؤها أينا |
|
وقد قالت لأتراب لها زهر تلاقينا |
تعالين فقد طاب لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ، ووصله بمال عظيم. وفي هذه السنة مات إبراهيم بن سعد وهو ابن خمس وسبعين سنة يكنى أبا إسحاق.
رواها الخطيب عن التنوخي.
قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي : وفي يوم الاثنين لثمان خلون من
__________________
(١) سقطت من الأصل ، واستدركت فوق الكلام بين السطرين.
(٢) في تاريخ بغداد : الطرب.