أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني ، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطّريثيثي ، أنا أبي أبو الحسن ، أنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني (١) ، قال : سمعت أبا القاسم النصرآباذي يقول : إذا أعطاكم حباكم ، وإذا لم يعطكم حماكم ، فشتّان ما بين الحباء والحماء ، فإذا حباك شغلك وإذا حماك حملك (٢).
قال : وسمعت أبا القاسم يقول في معنى قوله [تعالى] : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ)(٣) قال : بعلمي اشتريتهم ، وبحكمي فعتقتهم ، فلا ينقص علمي حكمي ، ولا ينقص حكمي علمي.
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن يقول : سمعت النصرآباذي يقول : ليس للأولياء سؤال ، إنّما هو الذّبول والخمود (٤).
قال : وسمعته يقول : نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.
أخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن أحمد بن محمد بن حيّان النّسوي الصّوفي ـ بنيسابور ـ أنا أبو بكر بن خلف ، أنا أبو بكر عبد الرّحمن السلمي قال : سئل النصرآباذي عن القوت؟ فقال : للنفس قوت إذا أحرزت اطمأنت ، وللقلب قوت ، وللسر قوت ، وللروح قوت ، فقوت القلب الطمأنينة ، وقوت السرّ الفكرة ، وقوت الروح السماع ، لأنه صادر عن الحقّ وراجع إليه. والقوت في الحقيقة هو الله لأن منه الكفايات وأنشد يقول (٥) :
إذا كنت قوت النّفس ثم هجرتها |
|
فلم تلبث النّفس التي أنت قوتها؟ |
ستبقى بقاء الضّبّ في الماء أو كما |
|
يعيش ببيداء المهامة حوتها |
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي الأستاذ أبو القاسم قال : سمعت الإمام أبا
__________________
(١) هذه النسبة إلى مالين وهي قرى مجتمعة على فرسخين من هراة ، ترجم له السمعاني في الأنساب ، والذهبي في سير الأعلام ١٧ / ٣٠١.
(٢) مختصر ابن منظور ٤ / ١٠٦ وسير الأعلام ١٦ / ٢٦٥.
(٣) سورة التوبة ، الآية : ١١١.
(٤) الرسالة القشيرية ص ٢٦٢ وفيها «الخمول».
(٥) مختصر ابن منظور ٤ / ١٠٦.