الأنباري حدثني محمد بن المرزبان ، نا يزيد بن محمد المهلّبي ، نا الأصمعي قال : كنت جالسا بين يدي هارون الرشيد أنشده شعرا ، وأبو يوسف القاضي جالس على يساره فدخل الفضل بن الربيع فقال : بالباب أبو إسحاق الفزاري فقال : ادخله فلما دخل قال : عليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فقال له الرشيد : لا سلّم الله عليك ولا قرّب دارك ولا حيّا مزارك ، قال : لم يا أمير المؤمنين؟ قال : أنت الذي تحرّم السواد؟ فقال : يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعل ذا أخبرك ـ وأشار إلى أبي يوسف ـ وذكر كلمة ؛ والله يا أمير المؤمنين لقد خرج إبراهيم على جدك المنصور ، فخرج أخي معه ، وعزمت على الغزو ، فأتيت أبا حنيفة فذكر ذلك له ، فقال لي مخرج أخيك أحبّ إليّ مما عزمت عليه من الغزو ، والله ما حرّمت السواد.
فقال الرشيد : فسلّم الله عليك ، وقرّب دارك وحيّا مزارك ، اجلس يا أبا إسحاق ؛ يا مسرور ، ثلاثة آلاف دينار لأبي إسحاق ، فأتي بها ، فوضعها في يده ، وخرج فانصرف.
ولقيه ابن المبارك فقال : من أين أقبلت ، فقال : من عند أمير المؤمنين وقد أعطاني هذه الدّنانير ، وأنا عنها غنيّ ، قال : فإن كان في نفسك منها شيء فتصدّق بها. فما خرج من سوق الرّافقة (١) حتى تصدق بها كلها.
قال : وأنا المعافا بن زكريا ، أنا أحمد بن علي القاضي النيسابوري ، نا محمد بن المسيّب الأرغياني ، نا عبد الله بن خبيق ، حدثني أبو عبد الله الحلبي قال : سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول : إن للحوائج فرسانا كفرسان الحرب ، وقال لي أبو إسحاق : إن الرجل ليسألني عن حالي ولو أخبرته لشمت بي.
أخبرنا أبو القاسم النسيب ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو القاسم الأزهري ، أنا محمد بن العباس ، أنا إبراهيم بن محمد الكندي ، نا أبو موسى قال : ومات أبو إسحاق الفزاري سنة خمس وثمانين ومائة.
قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام الواسطي ، عن أبي عمر بن حيّويه ، أنا محمد بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي خيثمة ، قال : أخبرت أنه ـ يعني أبا إسحاق ـ مات بالمصّيصة سنة ثمان وثمانين [ومائة] في خلافة هارون.
__________________
(١) بلد متصل بالرقة ، من أعمال الجزيرة (معجم البلدان).