الأنصار : أنت والله كما قال الأعشى (١) :
يرى البخل مرّا والعطاء كأنّما |
|
يلذّ به عذبا من الماء باردا |
وأحلم من قيس وأمضى من الذي |
|
بذي الغيل من جفان أصبح حاردا (٢) |
فقال إبراهيم : يا أخا الأنصار ، إنا لا نقدر على غير ما ترى ، ثم تمثّل بقول لبيد (٣) :
وبنو الدّيّان لا يأتون لا |
|
وعلى ألسنهم خفّت نعم |
زيّنت أحلامهم أحسابهم |
|
وكذاك الدين (٤) زين للكرم |
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الغنائم حمزة بن علي بن محمد بن عثمان بن السّوّاق البندار ، ومحمد بن محمد بن الحسين العكبري قالا : أنا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان العصّاري ، أنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخوّاص (٥) ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق ، حدثني محمد بن أبي علي المصري ، نا أمية بن خالد ، حدثني عبد الرّحمن بن مالك الأنصاري ، عن أبيه ، أنه سمع شيخا لهم يقول : قدم إبراهيم بن محمد المدينة فأتته عجوز من ولد الحارث بن عبد المطلب فشكت إليه ضنك المعيشة ، فقال : ما يحضرني لك الكثير ، ولا أرضى لك بالقليل ، وأنا على ظهر سفر اقبلي ما حضر وتفضّلي بالعذر ، ثم دعا مولى له فقال : ادفع إليها ما بقي من نفقتنا ، وخذي هذا البعير والعبد ، فقالت : بأبي وأمي أجزل الله في الآخرة أجرك وأعلى في الدنيا كعبك ، ورفع فيها ذكرك وغفر لك يوم الحساب ذنبك فأنت كما قالت أم جميل بنت حرب :
زين العشيرة كلها |
|
في البدو منها والحضر |
وزينها في النائبا |
|
ت وفي الرحال وفي السفر |
__________________
(١) ديوان الأعشى ط بيروت ص ٤٤.
(٢) روايته في الديوان :
وأحلم من قيس وأجرأ مقدما |
|
لدى الروع من ليث إذا راح حاردا |
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٢٢٩ ذيل ديوانه.
(٤) ديوانه : الحلم.
(٥) هذه النسبة لمن ينسج الخوص ، وهو لمن يعمل المراوح من سعف النخل (الأنساب).