قال الطبري : وذكر عمر أن عبد الله بن كثير العبديّ حدّثه عن علي (١) بن عيسى بن موسى ، عن أبيه ، قال : هدم مروان على إبراهيم بن محمد بيتا فقتله ، وقيل : إنه سقي لبنا مسموما فمات.
أنبأنا أبو غالب بن البنّا ، عن أبي طالب محمد بن علي العشاري (٢) وأبي الفتح بن المحاملي ، وأبي الحسين بن الآبنوسي ، عن أبي الحسن الدار قطني ، عن أبي محمد الحسن بن رشيق ، حدثني أبو القاسم الحسن بن آدم بن عبد الله ، حدثني أبو محمد عبيد بن محمد بن إبراهيم ، حدثني عبد الله بن فراس قال : سمعت هشام بن محمد بن يوسف يذكر : أن أبا مسلم كان عبدا سرّاجا من أهل خراسان وأنه صبغ خرقا سوداء فجعلها في قناة قال : وكانوا يسمعون في الحديث أنها تخرج رايات سود من قبل المشرق ، فكانت أنفسهم تتوق إلى ذلك ، فلما فعل أبو مسلم ذلك تبعه عبيد وغير ذلك ، وقال : من تبعني فهو حرّ ثم خرج هو ومن اتّبعه فوقعوا بعامل كان في بعض تلك الكور فقتلوه ، وأخذوا ما كان معه ، وازداد من كان معه كثرة ، وسار في خراسان فأخذ كبراها ثم كتب إلى إبراهيم بن محمد.
وكان إبراهيم ـ فيما ذكروا ـ مختفيا عند رجل من أهل الكوفة ، قد حفر له نفقا في الأرض ، فكتب إليه أبو مسلم ، فأرسل إليه رجلا من أصحابه ـ قد سمّى له موضعه ، والرجل الذي هو عنده ـ فخرج رسوله حتى بلغ الرجل فأدخله عليه ، فدفع إليه كتابه وجعل إبراهيم يسائله ما بلغوا من البلاد ، وأجابه بما أجابه ، فلما ودّعه ـ وهو يريد المسير ـ قال له إبراهيم : أقر صاحبك السلام ، وقل له لا يمر بشجرة عظيمة في طريقه إلّا نحاها من طريقه.
قال : فلما خرج الرجل قال في نفسه : هذا الذي نحن نقاتل له على الدّين ـ زعم ـ وهو يأمرني بما أمر.
قال : فجعل وجهه إلى مروان بن محمد ، وإنما أراد بقوله : لا يمرّ بشجرة عظيمة إلّا نحاها من طريقه ، يريد : ألّا يمر برجل كبير القدر إلّا قتله.
__________________
(١) الطبري : علي بن موسى.
(٢) ضبطت عن الأنساب ، وهو لقب جده ، كان طويلا فقيل له العشاري لذلك.