قال : فلما بلغ الرجل دمشق أتى إلى حاجب مروان ، فقال : عندي لأمير المؤمنين نصيحة قال : فدخل حاجبه فأعلمه ، فأمره أن يدخله عليه ، فلمّا أدخل عليه قال : يا أمير المؤمنين أتريد إبراهيم بن محمد؟ قال : نعم ، وكيف لي بذلك؟ قال : وجّه معي من أدفعه إليه. قال : فوجه معه فرسانا إلى الكوفة ، فسار الرجل حتى إذا بلغ الكوفة ، قال للفرسان الذين معه : انظروني حتى أصل إلى الموضع الذي أريد ، فإذا دخلت فاقتحموا أثري.
قال : ففعل وفعلوا فدخل إلى إبراهيم فبينا هو يكلّمه إذ دخل القوم فأخذوه ، فذكروا أنه قال لصاحب منزله : أمّا أنا فلا أحسب إلّا أني قد ذهبت ، فإن كان أمر قولوا لأبي مسلم فليبايع لابن الحارثيّة ، وهو أبو العباس ، وهو أخوه.
قال : فلما ظفر أبو مسلم وجّه إلى الكوفة نفرا من شيعتهم ، وأمرهم أن يستخرجوا أبا العباس.
قال : فاستخرجوه من الموضع الذي كان فيه مختفيا ، قال : فمضوا به إلى مسجد الكوفة ، فأصعد المنبر ، قال : وهو حينئذ فتى شاب حين اخضرّ وجهه قال : فذهب يتكلم فأرتج عليه (١). قال فصعد عمه داود بن علي على المنبر حتى كان دونه بدرجة ، قال (٢) : فحمد الله وأثنى عليه وقال فيما قال : إن الله عزوجل رحم أولكم بأولنا وآخركم بآخرنا ، أما ورب هذه القبلة ما صعد على هذه الأعواد خليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وصوابه : على ابن أبي طالب ـ إلّا هو ، قال : ثم أمره أبو العباس أن يحجّ بالناس ، فخرج حتى حجّ بالناس ، ثم فرش له في مسجد الحرام ، فكان ينظر في المظالم ، إذ جاءه حاجبه فقال له : عبد الله بن طاوس ، قال : قدّمه : فلما تقدم إليه وسلّم عليه ، رد عليهالسلام وقال : مرحبا بابن راوية بن عباس.
قال : فبينا هو على ذلك إذ تقدم إليه رجل فقال : أبقى الله الأمير وأتمّ عليه نعمته ، إني رجل من أهل الطائف ، من ثقيف ، وإن رجلا من هذه المسوّدة عدا على غلام لي فأخذه ، وقد أتيت إلى الأمير أرجو عدله ونصفته فقال له داود : فبئس الرجل أنت وبئس
__________________
(١) في الطبري ٧ / ٤٢٦ كان موعوكا فاشتد به الوعك ، فجلس على المنبر.
(٢) انظر خطبته في الطبري ٧ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧.