بنت عمي أبي وأبوك إخوان ، وأنا أولى الناس بك ، وأنا أسألك أن تحبسي نفسك عليّ سنة فإن رزقني الله وفتح لي فأنا أولى الناس بك ، وإلّا فاعملي بنفسك ما أحببت ، فأجابتني إلى ذلك ، واحتلت بعشرين دينارا فاشتريت فرسا وسرجا ولجاما وسلاحا ، وخرجت إلى رجل من الفتيان ممن يقطع الطريق ، معروف مشهور بالشجاعة والفروسية والإحسان إلى الفتيان والصعاليك ، وحدّثته بخبري ، وطرحت نفسي عليه وقبّلت رأسه ويديه ، فأقمت عنده شهرا وهو محسن إليّ ، ثم خرجنا إلى الصحراء نطلب الطريق ، ونحن عشرة (١) فتيان أجلاد شجعان ، كل واحد يرى نفسه.
فبينما نحن جلوس إذ وافى رجل على فرس فاره وسرج ولجام محلّى ، ومعه بغل عليه صناديق ، فوق الصناديق جارية كأنها الشمس الطالعة ، وعليها ثياب مرتفعة ، وحليّ ظاهر ؛ فقال رئيسنا : قد جاءكم رزقكم ؛ ثم التفت إلى رجل من أصحابه فقال : يا فلان قم الحق الرجل فاقتله وآتينا بالجارية وما معها ، فركب الرجل فرسه ومضى خلف الرجل حتى غاب عنا وأبطأ ، فقال رئيسنا : أظن صاحبنا قتل الرجل واشتغل بالجارية يضاجعها ، ثم قال لرجلين قوما إلى الجارية والرجل فأحضرا ذلك إلينا ، فمضيا واحتبسا ولم يعودا ، فقال : لأصحابنا خبر ، ثم ركب فرسه وركبنا خيلنا وسرنا فوافينا صاحبنا الأول مقتولا ، ثم سرنا فوافينا الآخرين قتيلين ، وسرنا حتى لحقنا الرجل وإذا معه قوس موترة ، وفيه السهم ، فرمى رئيسنا فقتله ، ثم ثنّى بآخر فقتله ، فانهزم الباقون وهربوا على وجوههم وأقمت أنا فطلبت منه الأمان ، فأمّنني وسألته أن يأذن لي في صحبته وخدمته ، فقال : خلّ قوسك وتعال سق بالجارية ، وسار ، ولم يأخذ من سلب القوم شيئا ، ولا من دوابّهم ، ولم يزل سائرا إلى العصر حتى أتى ديرا ، فدقّ بابه فنزل إليه صاحب الدّير ، ففتح الدير ودخل الرجل والجارية الدّير وأنا معهما ، وذبح له صاحب الدير دجاجة وأعدّ له طعاما سريا ، ثم قدّم المائدة وجلس الرجل والجارية وأنا وصاحب الدير وابنه ، فأكلنا حتى شبعنا ثم أحضر الشراب ، فلم يزالوا يشربون إلى المغرب ، ثم قام إليّ وقال : اعذرني فيما أفعله بك ، فإني لست آمنك ، وإنما أنت لص بعد كل حال وأكره غدرك ، ثم شدّ يدي وحبسني في بيت وأقفل عليّ ، ولم يزل يشرب حتى سكر ونام ، وأنا أطالع من شق الباب.
__________________
(١) بالأصل «عشر» والصواب ما أثبت «عشرة».