فإذا الجارية قد رميت بحصاة فأشارت إلى الذي رماها ، وقالت : قف قليلا ، فلما استثقل الفتى قامت إلى ابن صاحب الدير فوطئها ، ثم عادت إلى مولاها فغرت عليها وقلت : مثل هذه جسرت على هذا السيد الشجاع الذي ما رأت عيني مثله قط ، فأقبلت أرمقها من خلل الباب وهي تقصد ابن صاحب الدير يقضي حاجته منها ، ثم تعود فلما أصبح الرجل فتح الباب وحلّ عني ، واعتذر إليّ أيضا.
ومضت الجارية خارج الدير لما يخرج له النساء ، فحدّثت مولاها بما كان منها ، فصاح عليّ وزبرني وانتهرني فسكتّ وأنا خجل ، فقلت : هذا رجل قد علم بها. ووافت الجارية فلم يظهر لها شيئا وأقام يومه ذلك ، وأعدّ له صاحب الدير طعاما كما فعل بالأمس ، وهو في ذلك يضاحك الجارية ويمازحها إلى أن قدّم الطعام فأكلنا ثم قدم الشراب فشربنا كفعلنا بالأمس سواء ومع الجارية عود تغني به فلما جاء المساء ، قام إليّ واعتذر إليّ وشدّ يدي وحبسني في البيت وأقفله عليّ وأقبل يشرب ، وأنا أنظر إليه إلى أن نام ، ورميت الجارية بحصاة فأومت إليه : قف قليلا ، فلما علمت أن مولاها قد استثقل قامت إليه فوطئها ووثب مولاها إليها مبادرا فذبحها وذبحه ، ثم فتح الباب عليّ وحلّ كتافي ودعا بصاحب الدير وقال : خذ ابنك فواره وحدّثه بأمره وقال لي : إنما صحت عليك لاستثبت القصة في سكون ولا أقدم على ما أقدم عليه إلّا بعلم وعذر واضح ، ثم أمرني فأسرجت له فرسه فركب وحمل الصناديق والجارية فوقها ، وسار وأنا بين يديه ماش حتى انتصف الليل فنزل وقال : عاونّي فلم أزل أنا وهو حتى حفرنا قبرا وطرح الجارية فيه بثيابها وحليّها لم ينزعه عنها وطمّ القبر ودفع إليّ صرة وقال : هذه مائة دينار ، خذها وامض إلى أهلك ولا تقصد هذا القبر ولا تقربه ، والله لأن قربته لأنكلنّ بك.
فقلت : ما أقربه وانصرفت واختفيت ثلاثة أيام ثم جئت إلى القبر في الليل فحفرت حتى وصلت إلى الجارية فإذا مولاها قائم على رأسي ، فأخرجني من القبر وقطع أذني وقال : والله لأن عدت لأنكلنّ بك. فأقمت عشرة أيام ثم رجعت إلى القبر فحفرته حتى وصلت إلى الجارية وهممت بقلع الحليّ ، فإذا مولاها قائم على رأسي فأخرجني وقلع عيني اليمنى ، وقال : ألم أقل لك إنّك لص ليس فيك حيلة ، والله لأن عدت لأقتلنك. وانصرفت ثم عدت إلى القبر بعد ستة أشهر ، وحفرت عليها فقلعت عنها الحليّ ورددت القبر كما كان وانصرفت فوجدت في الحلي خمس مائة دينار ، وجئت بلدي ، ورفقت