سليمان بن عبد الله ، فقال : أبا نخيلة ما هذا الذي أرى؟ وما هذه الحال التي أنت فيها؟ قال : كنت نازلا على القعقاع (١) ـ وهو رجل من آل زرارة ، وكان يتولى لعيسى بن موسى الشرطة ـ فقال لي : اخرج عني ، فإن هذا الرجل قد اصطنعني ؛ وقد بلغني أنك قلت شعرا في هذه البيعة ، فأخاف إن بلغه ذلك أن يلزمني لائمة لنزولك عليّ ، فأزعجني حتى خرجت ، فقال : يا عبد الله انطلق بأبي نخيلة فأنزله في منزلك (٢) موضعا صالحا واستوص به خيرا وبمن معه. ثم خبّر سليمان بن عبد الله أبا جعفر بشعر أبي نخيلة الذي يقول فيه :
عيسى فزحلقها (٣) إلى محمد |
|
حتى تؤدى من يد إلى يد |
عنكم وتغنى وهي في تردّد (٤) |
|
فقد رضينا بالغلام الأمرد |
قال : فلما كان اليوم الذي بايع فيه أبو جعفر لابنه المهدي وقدّمه على عيسى ، دعا بأبي نخيلة فأمره فأنشد الشعر وكلّمه سليمان بن عبد الله ، وأشار عليه في كلامه أن يجزل له العطية وقال : إنه شيء يبقى لك في الكتب ، ويتحدث به الناس ويخلد على الأيام ، ولم يزل به حتى أمر له بعشرة آلاف درهم.
وذكر عن حيّان بن عبد الله بن حمدان (٥) الحمّاني ، حدثني أبو نخيلة قال : قدمت على أبي جعفر ، فأقمت ببابه شهرا لا أصل إليه ، حتى قال لي ذات يوم عبد الله بن الربيع الحارثيّ : يا أبا نخيلة إن أمير المؤمنين يرشح ابنه للعهد بالخلافة ، وهو على تقديمه بين يدي عيسى بن موسى ، فلو قلت شيئا تحثّه على ذلك وتذكر فضل المهدي كنت بالحرى أن تصيب خيرا منه ومن أبيه ، فقلت (٦) :
دونك عبد الله أهل ذاكا |
|
خلافة الله التي (٧) أعطاكا |
__________________
(١) الأغاني : القعقاع بن معبد أحد ولد معبد بن زرارة.
(٢) الطبري : «فبوئه في منزلي». وفي الأغاني : منزلا.
(٣) الطبري : «فزحلفها» بالفاء ، لعله يريد : ادفعها أو اعطها ، أو قدمها. وفي اللسان : «ويقال زحلف الله عنا شرك ، أي نحى الله عنا شرك» واستشهد بالشعر.
(٤) الطبري : فيكم وتغنى وهي في تزيّد.
(٥) الطبري : «حبران» وفي الأغاني : عبد الجبار بن عبيد الله الحماني.
(٦) الأبيات في الطبري ٨ / ٢٢ وبعضها في الأغاني ٢٠ / ٤٢١.
(٧) بالأصل «الذي» والمثبت عن الطبري.