يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ، إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ، فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ، فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ، قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١).
وقال ابن عباس : من اغترف بيده روى ، ومن شرب منه لم يرو ، وقال السدي : كان الجيش ثمانين ألفا ، فشرب منه ستة وسبعون ألفا ، وتبقى معه (أي طالوت) أربعة ألاف ، على أن هناك روايات أخرى تذهب إلى أن من بقي على العهد مع طالوت ثلاثمائة وبضعة عشر نفرا ، قيل ثلاثمائة وتسعة عشر ، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر ، عدة أهل بدر ، روى البراء بن عازب : كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم الذين كانوا معه يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ، وما جاوزه معه إلا مؤمن ، وأما النهر ففي رواية عن ابن عباس أنه نهر بين الأردن وفلسطين ، يعني نهر الشريعة المشهور (٢).
وعلى أية حال فلقد دارت رحى الحرب بين بني إسرائيل والفلسطينيين ، وكادت الهزيمة تحقيق بالأولين ، لو لا نصر الله وشجاعة داود عليهالسلام الذي قتل جالوت قائد الفلسطينيين ، وطبقا لرواية التوراة فلقد كان جالوت (جليات) يخرج إلى الميدان صباح مساء طيلة أربعين يوما دون أن يجرؤ واحد من بني إسرائيل على منازلته ، حتى اضطر طالوت أن ينادي بين قومه «إن من يقتل هذا الرجل يغنيه الملك غنى جزيلا ، ويعطيه بنته
__________________
(١) سورة البقرة آية : ٢٤٩.
(٢) تفسير الكشاف : ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، تفسير الطبري : ٥ / ٢٤٦ ـ ٢٤٨ ، تاريخ الطبري : ١ / ٤٦٧ ـ ٤٧٢ ، تفسير القرطبي ص : ١٠٦٢ ـ ١٠٦٣ ، تفسير المنار : ٢ / ٣٨٢ ـ ٣٨٩ ، تفسير النسفي : ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٤٥٢ (بيروت ١٩٨٦) ، صحيح البخاري : ٨ / ٢٢٨ ، مسند الإمام أحمد : ٤ / ٢٩٠ ، تاريخ ابن الأثير : ١ / ١٢٣.