__________________
ولكنهم يريدون الفرار من المعركة ، في هذا الجو المليء بالخوف والفزع ، اقتحم عمرو بن ود ، وكان أشجع قريش ، ويحسب نفسه كفؤا لألف رجل ، اقتحم الخندق بجواده مع مجموعة من فرسان قريش ، فركز رمحه في للأرض ، وأخذ يصول ويجول ، ويطلب المبارزة ، فما برز له أحد ، فقد كان مقاتلا غادرا فاتكا وبطلا مغوار ، لم يبارز أحد إلا صرعه ، وهكذا أخذ ينادي من يبارز ، فلا يتقدم أحد غير الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قائلا : أنا لها يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اجلس إنه عمرو ، ثم نادى عمرو : ألا رجل يبرز ، ثم جعل يؤنبهم فيقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ، أفلا تبرزون إليّ رجلا ، فقام علي فقال : أنا يا رسول الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إنه عمر ، ثم نادى الثالثة فقام على كرم الله وجهه في الجنة ، فقال يا رسول الله أنا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إنه عمرو ، فقال علي : وإن كان عمرا ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له : أدن مني فعمّمه صلىاللهعليهوسلم بيده الشريفة ، وقال : اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ثم رفع صلىاللهعليهوسلم يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه وقال : «اللهم إنك أخذت مني حمزة يوم أحد ، وعبيدة يوم بدر ، فاحفظ اليوم عليا ، رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين» ، وبرز الإمام علي لعمر ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الآن برز الإيمان كله للشرك كله» ، فقال عمرو لعلي : من أنت ، قال علي بن أبي طالب ، فقال عمرو ، وقد أعرض عن الإمام علي استخفافا به ، إن أباك كان صديقي ونديمي ، وإني والله ما أحب أن أقتلك ، فقال الإمام : لكني والله ما أكره أن أقتلك ، ثم قال يا عمرو : قد كنت تعاهد الله لقريش ، ألا يدعوك رجل إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها ، قال أجل ، قال : فإني أدعوك إلى الله عزوجل وإلى رسوله والإسلام فتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقال عمرو : لا حاجة لي في ذلك ، هات الثانية ، قال الإمام : فترجع إلى بلادك ، فإن يك محمدا صادقا كنت أسعد الناس به ، وإن يك كاذبا كان الذي تريد ، قال عمرو : إذن تتحدث عني نساء قريش أنني جبنت وخنت قوما رأسوني عليهم ، هات الثالثة ، قال الإمام : الحرب ، قال عمرو : هذه خصلة ما كنت أظن أن أحدا من العرب يروّعني بها ، فقال الإمام : كيف أقاتلك وأنت فارس ، وأنا راجل ، فاقتحم عن فرسه وعقره وسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم اندفع نحو الإمام علي مغضبا ، واستقبله عليّ برقبته فضربه في الدرقة فشقها وأثبت فيها السيف ، وضربه الإمام علي كرم الله وجهه في الجنة ، على حبل العاتق فسقط عمرو ، وثار العجاج وبانت سوأة عمرو ، وسمع سيدنا ومولانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم التكبير ، فعرف أن عليا قتل عمرا ، وأقبل الإمام علي رضياللهعنه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووجهه يتهلل ، فعانقه النبي صلىاللهعليهوسلم ودعا له ، فقال عمر بن الخطاب رضياللهعنه لعلي : هلا سلبته درعه ، فإن ليس في العرب درع خير منها ، فقال الإمام علي : إني حين ضربته استقبلني بسوأته واستحيت ابن عمي أن استلبه ، على أن رواية أخرى تذهب إلى أن الإمام علي ضرب عمرا على ساقيه فقطعهما جميعا ، فسقط على الأرض فأخذ علي بلحيته فذبحه وأخذ رأسه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ