فضرب حقيبة وراءه ، فقال : ها إن هذه مملوءة كتبا ، فكأنه شد من منّة أخي ، قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ست عشرة ومائة ، قال سفيان : وكنا استودعناه طعاما لنا ومتاعا ، فلما رجعنا طلبناه منه ، قال : إن كان طعاما فلعل الحي قد أكلوه ، فقلنا : إنا لله ، ذهب طعامنا ، فإذا هو يمزح معي ، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا (١).
أخبرنا عاليا أبو يعقوب الهمداني ، نا أبو الحسين بن المهتدي بالله ح.
وأخبرناه أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، قالا : أنا أبو القاسم بن حبّابة ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا يحيى بن الربيع ، نا سفيان : حدّثني أعرابي يقال له بحير من [أهل] الثعلبية ، قال : قلت له ابن كم أنت؟ قال : ابن ست عشرة ومائة سنة ، قال : قلت له : ابن كم كنت حين مرّ ـ وقال أبو غالب : حين قتل ـ الحسين بن علي؟ قال : غلام قد أيفعت. قال : كان في قلة بين (٢) الناس وكان أخي أسنّ مني ، فقال أخي : يا ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أراك في قلة من الناس ، فقال بالسوط وأشار به إلى حقيبة الرحل : هذه خلفي مملوءة كتبا.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر أحمد بن علي ح.
وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن هبة الله ، قالا : أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٣) ، نا أبو بكر ـ يعني ـ الحميدي ، نا سفيان ، نا شهاب بن خراش (٤) ، عن رجل من قومه قال : كنت في الجيش الذي (٥) بعثهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن علي ، وكانوا أربعة آلاف يريدون الديلم ، فصرفهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن علي فلقيت حسينا فرأيته أسود الرأس واللحية ، فقلت له : السلام عليك يا أبا عبد الله ، فقال : وعليك السلام ـ وكانت فيه غنّة ـ فقال :
لقد بانت منكم فينا سلة منذ الليلة ـ يعني سرق ـ قال شهاب : فحدثت به زيد بن علي فأعجبه ، وكانت فيه غنّة ، قال سفيان : وهي في الحسينيين.
__________________
(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٦ / ٢٦١٤ ـ ٢٦١٥.
(٢) الترجمة المطبوعة : «من الناس» وهو الأظهر.
(٣) الخبر في المعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٣٢٥ وبغية الطلب ٦ / ٢٦١٥.
(٤) بالأصل والمعرفة والتاريخ «حراش» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ٨ / ٢٨٤.
(٥) المعرفة والتاريخ : الذين.