هذا كله مبني على أن المستثنى واجب الدخول في المستثنى منه ، كما هو مذهب جمهور النحاة ، وأمّا على مذهب المبرد فيجوز الاستثناء مع هذه الشروط ، أيضا ، لأنه يكتفي لصحة الاستثناء ، بصحة الدخول ؛
وقال الأندلسيّ والمالكيّ (١) : لا بدّ لالّا ، إذا كانت صفة من منبوع ظاهر كما ذكر المصنف ، جمع أو شبهه ، منكر أو معرّف باللام الجنسية ، قال :
٢٣٠ ـ أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة |
|
قليل بها الأصوات إلا بغامها (٢) |
ويجوز في البيت أن تكون «الّا» للاستثناء ، وما بعدها بدل من الأصوات ، لأن في «قليل» معنى النفي ، كما ذكرنا ؛
ومذهب سيبويه (٣) : جواز وقوع «الا» صفة مع صحة الاستثناء ، قال : يجوز في قولك : ما أتاني أحد إلا زيد ، أن تكون «إلا زيد» بدلا ، وصفة ، وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله :
٢٣١ ـ وكل أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك إلا الفرقدان (٤) |
وقوله عليه الصلاة والسّلام : «الناس كلهم هالكون إلا العالمون ، والعالمون كلهم
__________________
(١) الرأي الذي أورده الرضي هنا منسوبا للأندلسي والمالكي ، هو مما عرفت نسبته لابن مالك أيضا ، وهذا مما يقوي انه يريد بالمالكي : ابن مالك والله أعلم ،
(٢) من قصيدة لذي الرمة ، وهو من حديثه عن الناقة في أول القصيدة :
ألا خيّلت ميّ وقد نام صحبتي |
|
فما نفرّ التهويم إلا سلامها |
طروقا ، وجلب الرحل مشدودة به |
|
سفينة برّ تحت خدي زمامها |
وقوله طروقا ، مصدر طرق ، إذا جاء ليلا ، وهو متصل بقوله خيّلت أي زار خيالها ليلا ، ويروى الشطر الثاني : فما أرّق النيّام إلا كلامها ؛ وسفينة البر ، من أحسن ما وصفت به الناقة ، وبلدة ، الأولى : صدر الناقة ، والثانية الأرض ، والبغام صوت الظبية أطلقه على صوت الناقة ؛
(٣) سيبويه ج ١ ص ٣٧١ وأشرت فيما سبق إلى أن معظم ما في هذا الباب بلفظه أو معناه منقول عن سيبويه في باب الاستثناء ؛
(٤) الفرقدان : نجمان متلازمان منذ وجدا وقد أورد البغدادي أوجها أخرى في توجيه البيت غير ما قاله الشارح والبيت منسوب لعمرو بن معد يكرب ، ولحضرميّ بن عامر الأسدي ؛