شرب دخال ، ويقال : نغص البعير ، إذا لم يتمّ شربه ، فمعنى نغص الدخال : عدم تمام الشرب ، أي : أوردها مرة واحدة (١) ، ولم يخف على أنه لا يتم شرب بعضها للماء بالمزاحمة.
أمّا قولهم : جاءوا قضّهم بقضيضهم (٢) ، فالأولى أن نقول : أن المصدر فيه بمعنى اسم الفاعل ، أي : قاضّهم بقضيضهم أي مع قضيضهم ، أي : كاسرهم مع مكسورهم ، لأن مع الازدحام والاجتماع كاسرا ومكسورا.
والأصل فيه أن يكون «قضّهم» مبتدأ ، و «بقضيضهم» خبرا ، مثل قولهم : كلمته فاه إلى فيّ ، أي : فوه إلى فيّ ، وهو ههنا أظهر ، لأنهم استعملوه على الأصل فقالوا : كلمته فوه إلى فيّ ؛ ثم انمحى عن الجملتين ، أعني : قضهم بقضيضهم ، وفوه إلى فيّ ، معنى (٣) الجملة والكلام ، لمّا فهم منهما معنى المفرد ، لأن معنى : فوه إلى فيّ ، صار : مشافها ، ومعنى : قضّهم بقضيضهم : كافّة (٤) ، فلما قامت الجملة مقام المفرد ، وأدّت مؤدّاه : أعرب ما قبل الاعراب منها ، وهو الجزء الأول ، إعراب المفرد الذي قامت مقامه ، كما قلنا في باب المفعول المطلق (٥) ، في : فاها لفيك ، سواء (٦).
وكذا ينبغي أن نقول في : يدا بيد ، أي : ذو يد بذي يد ، على حذف المضاف ، أي :
__________________
(١) أي أوردها كلها دفعة واحدة لم يفرق بينها في الشرب ،
(٢) طريقة تعبير الشارح بهذا المثال لا تدل على أنه شعر ، ولكنه ورد في بيت شعر للشماخ بن ضرار ، وهو قوله :
أتتني سليم قضها بقضيضها |
|
تمسّح حولي بالبقيع سبالها |
وقد اعتبره البغدادي شاهدا وكتب عليه ، ولعله مذكور في بعض النسخ من الشرح ،.
(٣) فاعل قوله : انمحى ،
(٤) أي صار معناه كافة أي جميعا ،
(٥) جاء في باب المفعول المطلق ص ٣٣٢ من الجزء الأول ، أن الجملة قد تقوم مقام المفرد فيعرب الجزء الأول منها بإعراب ما قامت مقامه وذكر لذلك أمثلة منها قولهم : فاها لفيك وهو دعاء على المخاطب ، وقد ورد ذلك في بيت شعر اعتبره البغدادي شاهدا وهو قول الشاعر :
فقلت له فاها لفيك ، فإنها |
|
قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره |
(٦) تقديره : هما سواء ، وهذا اختيار الرضي في إعرابه ويقع هذا التعبير كثيرا في كلامه ؛