له ، كما في قولنا : بينك وبين زيد ، إذ لا يمكن أن يكون هناك بينان : بين بالنسبة إلى زيد وحده ، وبين آخر بالنسبة إلى المخاطب وحده ، لأن البينيّة أمر يقتضي طرفين ، فعلمنا أن تكرير الثاني لهذا الغرض فقط ؛ فإن ألبس ، نحو : جاءني غلامك وغلام زيد ، وأنت تريد غلاما واحدا مشتركا بينهما ، لم يجز ، بلى ، يجوز ، إذا قامت قرينة دالة على المقصود ؛
فإن قلت : فما تقول بعد إعادة الخافض؟ أتقول : الجار والمجرور عطف على الجار والمجرور ، أم تقول : المجرور عطف على المجرور؟ ؛
قلت : النظر المستقيم يقتضي أن القول بالثاني أولى ، وذلك لأن القول به في نحو : المال بيني وبينك ، متعيّن ، إذ لا معنى للمضاف الثاني ، كما مرّ ، فلا يمكن عطف المضاف على المضاف لفساد المعنى ؛
وفي نحو : مررت بك وبزيد ، وإن أمكن أن يكون للباء الثانية فيه معنى ، إذ لا تقتضي الباء الأولى من حيث المعنى ، اسمين ينجرّان بها ، كما اقتضى معنى «بين» ذلك ، إذ يمكن أن يكون استؤنف معنى الجار والمجرور ، فيكون بسبب الاستثناف ، للباء الثانية معنى ، ولا يمكن ذلك في «بين» الثانية ؛ إلّا أننا لما عرفنا أن الباء الثانية مجتلبة لمثل الغرض الذي اجتلبت له «بين» الثانية ، بعينه ، وجب الحكم بكون المجرور عطفا على المجرور ههنا ، كما في مسألة «بين» ؛
فإذا تقرّر هذا فلنا أن نقول : المعطوف مجرور مع تكرر العامل بما كان مجرورا به قبل تكرره ، أعني العامل الأول ، لأن وجود الثاني لأمر لفظي ، وهو من حيث المعنى كالعدم ، كما قال سيبويه في نحو : لا أبا لزيد ، انّ جرّه بالإضافة ، لا باللام الظاهرة ؛
والأولى (١) أن نحيل جرّه على العامل المتكرر ، إذ ليس بأقل من الحروف الزائدة ، نحو : كفى بزيد ، فإنها لا تلغى مع زيادتها ؛
__________________
(١) لا يتفق هذا مع ما استظهره وأقام الدليل عليه من أن المجرور معطوف على المجرور ، وربما كان قصده هنا راجعا إلى المثال الذي قال عن رأي سيبويه فيه إن جره بالإضافة لا باللام ؛