قوله : «ومن ثمّ لم يجز في ما زيد بقائم أو قائما ، ولا ذاهب عمرو إلّا الرفع» ، وذلك لأنه لما وجب لقولك : بقائم ، أو : قائما ، الضمير لكونه خبرا مع كونه مشتقا ، وجب أن يثبت مثله في المعطوف مع اشتقاقه ، وهو قولك : ولا ذاهب عمرو ، لأن الضمير وجب للمعطوف عليه بالنظر إلى كونه خبرا وإلى كونه مشتقا ، والمعطوف مشتق مثله ، ولا ضمير في : ذاهب عمرو ، بالجر ، ولا في : ذاهبا عمرو ؛
فإن قلت : فجوّز : ولا ذاهبا عمرو ، على عطف الاسم والخبر على الاسم والخبر ، قلت : ليس حاله في نفسه كحال المعطوف عليه حتى يكون مثله في حكم الاعراب ، لأن الاسم في الأول مقدم على الخبر ، فجاز عمل «ما» فيهما ، بخلاف الثاني ، فصار في عطف الجملة على الجملة ، مثل : لا علام رجل ، ولا زيد عندي في عطف المفرد على المفرد فيجب الرفع في «ذاهب» على عطف الاسم والخبر على الاسم والخبر ، إذ لا يجوز عطف الخبر وحده على الخبر ، لما تقدم من عدم الضمير ؛ وقد ذكرنا وجوه هذه المسألة مستوفاة قبل (١) ، فليرجع إليه ؛
وإنما جاز مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين ، وإن لم يكن في «قاعدين» ، ضمير راجع إلى الموصوف ، حملا على المعنى (٢) ، لأن المعنى : لا قاعد أبواه ، فهو في حكم ما يثبت فيه الضمير ، وذلك لأن الضمير المستكن المثنى في «قاعدين» راجع إلى المضاف مع المضاف إليه ، أعني «أبواه» ، والمضاف إليه ضمير راجع إلى الموصوف ؛ وكذا قولك : برجل حسنة جاريته لا قبيحة ، لأنه بتقدير : لا قبيحة جاريته ؛
قوله : «وإنما جاز : الذي يطير فيغضب زيد : الذباب ؛ جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أن يقال : أنك إذا أخبرت (٣) عن الذباب في قولك : يطير الذباب فيغضب زيد ، تقول : الذي يطير فيغضب زيد : الذباب ، فقولك : يغضب زيد ، عطف على يطير ، الذي هو صلة ، فوجب أن يكون فيه ضمير ، كما في المعطوف عليه ، وهو خال
__________________
(١) في باب إعمال ما عمل ليس ، من هذا الجزء
(٢) علة لجواز الصورة المذكورة ،
(٣) المراد : الاخبار الذي يقصد به التمرين أو التدريب ، وسيأتي تفصيله في باب الموصول