على الوحدة لكن ذلك دلالة تضمن لا مطابقة ، لأن مدلولها بالمطابقة : نفخ موصوف بالوحدة ، فمجرد الوحدة مدلول هذه اللفظة تضمنا لا مطابقة ؛
ولقائل أن يقول (١) : المدلول أعمّ من المدلول بالتضمن والمدلول بالمطابقة فكل مدلول لمتبوع ، هو أمر ذلك المتبوع وشأنه ، سواء كان ذلك مطابقة أو تضمنا أو التزاما ؛ وأيضا : أجمعون ، في قولك : جاءني الرجال أجمعون ، يقرر مدلول الرجال تضمنا لا مطابقة ، لأن كونهم مجتمعين في المجيء بحيث لم يخرج منه أحد منهم : مدلول اللفظ (٢) من حيث كونه جمعا معرّفا باللام المشار بها إلى رجال معيّنين ، لا مدلول أصل الكلمة أعني كونهم رجالا مجتمعين ، وهو مركب من الرجال ومن اجتماعهم ؛
وكذا ، جاءني الرجلان كلاهما ، لفظة «كلا» موضوعة للاثنينيّة التي هي مدلول «الرجلان» ضمنا ، وهو مع ذلك تأكيد ؛
فإن قلت : بل معنى «كلاهما» في : جاءني الزيدان كلاهما : كلا الزيدين وكلا الزيدين : هما الزيدان ، فمفهوم التأكيد مفهوم المؤكد مطابقة ؛
قلت : هذا وهم ، لأن التأكيد هو : كلا ، المضاف ، ومعناه : الاثنان ، لا «هما» (٣) الذي هو المضاف إليه الذي مدلوله مدلول الزيدين فمعنى : كلا الزيدين : اثناهما ، إلا أنه لم يستعمل لفظ «اثناهما» ، والاثنان ، مدلول لفظ الزيدين تضمنا لا مطابقة ؛
واعلم أنهم إذا أرادوا الوحدة ، والاثنينيّة والاجتماع ، لا باعتبار نسبة الفعل ، لم يضيفوا الألفاظ الدالة على هذه المعاني ، نحو : جاءني رجل واحد ، ورجلان اثنان ورجال جماعة ، ومع قصد تعيين عدد الجماعة تقول : رجال ثلاثة أو أربعة أو خمسة ، وعلى هذا القياس ؛
__________________
(١) هذه مناقشة لما أجاب به المصنف عن الاعتراض ،
(٢) أي لفظ الرجال ؛
(٣) يعني لفظ «هما» في : كلاهما ،