أمّا إذا أرادوا الوحدة والاثنينيّة والاجتماع باعتبار نسبة الفعل ، أضافوا (١) الألفاظ الدالة على هذه المعاني ، إلا لفظ «جميع» ، فإن الأغلب فيه ، كما يجيء ، قطعه عن الإضافة مع قصدك اجتماع المذكورين باعتبار نسبة الفعل ، وهذه الألفاظ باعتبار هذا المعنى على ضروب : فبعضها لم يجئ إلّا منصوبا على الحال وهو «وحده» فقط ، تقول : جاءني زيد وحده ، أي لم يشاركه أحد في المجيء ؛ وبعضها لم يجئ إلا تابعا على أنه تأكيد ، وهو «كلا» ، ومعناه : اثنان ، كما ذكرنا ، إلا أن «اثنان» لم يستعمل مضافا في المشهور الفصيح ، استغناء بكلا ، ويستعمل العوام : بالزيدين اثنيهما ؛
وأجمعون ومتصرفاته مثل «كلا» ، لا تجيء إلا تابعة مضافة في التقدير ، على رأي الخليل ، وربّما نصبت «جمعاء» و «جمع» حالين. كجاءتني القبيلة جمعاء والقبائل جمع ، وهو قليل ، وقد يضاف أجمعون ، إضافة ظاهرة ، فيؤكّد به لكن بباء زائدة ، نحو : جاءني القوم بأجمعهم (٢) ، ولا يقال : جاءني القوم أجمعهم ، بخلاف : «عينه» فانه يؤكد بها مع الباء وبدونها ، نحو : رأيته عينه وبعينه ؛
وأمّا جميع ، فهو بمعنى «أجمعين» ، ويستعمل على أحد ثلاثة أوجه ؛ إمّا مقطوعا عن الإضافة ، حالا ، كقوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً)(٣) ، أي بهم أجمعين ؛ وليس بمعنى مجتمعين في حال المجيى ، وإن أردت ذلك المعنى فقل : يأتيني بهم معا ، بل معناه أنه لا يتخلّف منهم أحد ، اجتمعوا في الإتيان أو افترقوا ؛ كأجمعين ، من حيث المعنى سواء ،
وإمّا مضافا غير تأكيد تاليا للعوامل ، نحو : مررت بجميع القوم ، ورأيت جميعهم ؛
وإمّا مضافا تأكيدا ، وهو أقل الثلاثة ، نحو : جاءني القوم جميعهم ؛
__________________
(١) يتكرر مثل هذا التعبير من الرضي وقد أشرنا إلى ذلك ، ولفظ «أضافوا» جواب قوله «أما» فحقه الفاء ، أو يقول فإذا أرادوا ؛
(٢) ورد فيه مع الباء : ضم الميم ،
(٣) من الآية ٨٣ سورة يوسف