والدليل على أن الألف والواو الظاهرين ليسا بضميرين : انقلابهما بالعوامل ، نحو : لقيت ضاربين وضاربين ، والفاعل لا يتغيّر بالعوامل الداخلة على عامله نحو قولك : جاءني زيد راكبا غلامه ، فلم يعمل : «جاءني» في «غلامه» ؛
وكذا ، استكنّ النون في ضاربات ومضروبات ، تبعا لاستتار الضمير في جمع المذكر إذ هو الأصل ، وإذا استتر في المثنى ، والمجموع ، فالاستتار في مفرداتها أجدر ، فلزم الاستتار في الكل ، فلا ترى الفاعل ضميرا بارزا في الصفات إلا في نحو : أقائم هما ، وما قائم أنتما ؛
وأمّا في نحو : زيد عمرو ضاربه هو ، فالمنفصل ليس بفاعل ، بل هو تأكيد له لما سيجيء ؛
ثم ، لما فرغوا من وضع المرفوع المتصل في الأفعال والصفات أخذوا في وضع المرفوع المنفصل ؛
فقالوا : أنا للمتكلم : المذكر والمؤنث ؛ وقد تبدل همزتها هاء نحو : هنا ، وقد تمدّ همزته نحو : آنا فعلت ، وقد تسكن نونه في الوصل ؛
وهو عند البصريين ، همزة ونون مفتوحة ، والألف يؤتى بها بعد النون في حالة الوقف لبيان الفتح ، لأنه لو لا الألف لسقطت الفتحة للوقف ، فكان يلتبس بأن الحرفية ، لسكون النون ، فلذا يكتب بالألف لان الخط مبني على الوقف والابتداء ؛
وقد يوقف على نونها ساكنة ، وقد تبيّن فتحتها وقفا بهاء السكت ، قال حاتم : هكذا فزدي أنه (١) ، وقال : (٢)
__________________
(١) فزدي يعني فصدي ، وفصد الناقة أو البعير أن يجرحه فيسيل منه الدم فيشوى ويؤكل ، وكان حاتم الطائي أسيرا فطلبت منه إحدى الجواري أن يفصد لهم ناقة ليشتووا دمها فقام إليها فنحرها فلطمته الجارية وقالت له إنما قلت لك افصدها ، فقال : هكذا فزدي أنه ، وإبدال الصاد زايا من لغة طيئ ، وفي هذه القصة قال حاتم : لو ذات سوار لطمتني ،
(٢) وقال : أي الشاعر ، كما هو عادته ، وليس المراد أن القائل حاتم ؛