بطولك رجلا ، وبعرضك أرضا ، وبغلظه خشبا ، ونحو ذلك : من (١) المقاييس أيضا ؛ فهذه المقادير ، إذا نصبت عنها التمييز ، أردت بها المقدّرات ، لا المقادير ، لأن قولك : عندي عشرون درهما ، وذراع ثوبا ، ورطل زيتا ، المراد بعشرون ، فيه ، هو الدراهم ، لا مجرد العدد ، وبذراع : المذروع ، لا ما يذرع به ، وبرطل : الموزون ، لا ما يوزن به ، وكذلك في غيرهما ؛
وغير المقدار : كل فرع حصل له بالتفريع اسم خاص ، يليه أصله ، ويكون بحيث يصح اطلاق الأصل عليه ، نحو : خاتم حديدا ، وباب ساجا ، وثوب خزّا ، والخفض في هذا ، أكثر منه في المقادير ، وذلك لأن المقدار مبهم محتاج إلى مميّز ، ونصب التمييز ، نصّ على كونه مميّزا ، وهو الأصل في التمييز ، بخلاف الجر ، فانه علم الاضافة ، فهو في غير المقدار أولى لأن ابهامه ليس كإبهام المقدار ، مع أن الخفة مع الجر أكثر. لسقوط التنوين ، والنونين بالاضافة ؛
وإن لم تتغير تسمية البعض بالتبعيض ، نحو : قطعة ذهب ، وقليل فضة ، لم يجز انتصاب الثاني على التمييز ؛ وقد خالفوا القاعدة المذكورة فالتزموا الجرّ في العدد من الثلاثة إلى العشرة ، وفي المائة ، والألف ، وما يتضاعف منهما ، لكثرة استعمال العدد ، فآثروا التخفيف بالاضافة ، مع أنه قد جاء في الشذوذ على الأصل : خمسة أثوابا (٢) ، ومائتين عاما (٣) ؛
وإنما تركوا الجرّ في العدد المركب نحو : أحد عشر ، لأن المضاف إليه مع المضاف كاسم واحد لفظا ، فلو أضيف العدد المركب إلى مميّزة ، والمميز ، من حيث المعنى ، هو المبهم المحتاج إلى التمييز ، لكان جعلا لثلاثة أسماء كاسم واحد ، لفظا ومعنى ؛
__________________
(١) قوله : من المقاييس ، خبر عن «قولك بطولك رجلا» الخ ؛
(٢) انظر سيبويه ج ١ ص ٢٩٣ ،
(٣) ورد هذا في قول الربيع بن ضبع الفزاري :
إذا عاش الفتى مائتين عاما |
|
فقد ذهب اللذاذة والفتاء |
وهو من شواهد سيبويه ج ١ ص ١٠٦ وسيأتي شاهدا في باب العدد ؛