وأمّا نحو : ثلاثة عشرك (١) ، فمخالفة المضاف معنى للمضاف إليه سهّلت الإضافة ، وكذا تركوا الجر في الأغلب ، في العدد الذي في آخره نون الجمع ، كعشرون ، وأخواته ، مع أنه كثير الاستعمال أيضا ، وذلك لأن النون فيها (٢) ليست بنون الجمع حقيقة ، كما ذكرنا في صدر الكتاب (٣) ، بل مشابهة لها ، فلم تحذف في الإضافة (٤) حذف نون الجمع لمباينتها إياها ، ولم تثبت معها ، لمشابهتها لنون الجمع ، فتعذّرت الإضافة ، لتعذّر اثبات النون معها ، وحذفها ؛
وقد جاء نحو : عشرو درهم قليلا ، وأكثر منه اضافته إلى صاحبه ، نحو عشروك ، قال :
٢٠٠ ـ وما أنت ويك ورسم الديار |
|
وستّوك قد كربت تكمل (٥) |
اجراء له مجرى : أحد عشرك ؛
قوله : «وإمّا في غيره» ، أي في غير العدد ، وليس مراده بقوله : رطل زيتا. ومنوان سمنا ، ومثلها زبدا ، بيان أنواع المقادير ، بل بيان ما يتمّ به الاسم المفرد ، لأنه يتم بأربعة أشياء : إمّا بنون الجمع ، كعشرين ، وقد ذكرناه قبيل ؛ وإمّا بالتنوين وهو إمّا ظاهر كما في : رطل زيتا ، وإمّا مقدّر كما في : خمسة عشر ، وفي «كم» ؛ وإمّا بنون التثنية كما في : منوان سمنا وإمّا بالاضافة ، كما في مثلها .. ؛
والمبهم المحتاج إلى التمييز في : ملؤها ، ومثله ، هو المضاف ، لا المضاف إليه ، لأنك لو جئت بالظاهر بدل المضمر وقلت : ملء الاناء ، ومثل زيد ، لاحتاج الكلام أيضا
__________________
(١) بإضافة العدد المركب إلى صاحبه وهو ضمير المخاطب في المثال ،
(٢) أي في عشرين وأخواته ،
(٣) ج ١ ص ٩٤
(٤) خلاصة كلامه أن عشرين مثلا إذا أريد إضافته ، فلا يمكن حذف النون لأنها ليست نون جمع حقيقة ، ولا يمكن بقاؤها لمشابهتها لنون الجمع فتعذرت الإضافة ؛
(٥) من قصيدة للكميت في مدح عبد الرحمن بن عقبة بن سعيد بن العاص ، وهو البيت الثاني بعد مطلع القصيدة ، والمراد من قوله : وستوك ، الأعوام الستون التي مضت من عمرك ،