إلى التمييز ، لابهام المثل والملء ، أي قدر ما يملأ به الشيء ، فرجلا تفسير مثل ، وزبدا تفسير ملء ؛
ومعنى تمام الاسم : أن يكون على حالة لا يمكن اضافته معها ، والاسم مستحيل الاضافة مع التنوين ونوني التثنية والجمع ، ومع الاضافة لأن المضاف لا يضاف ثانية ؛ فإذا تمّ الاسم بهذه الأشياء ، شابه الفعل إذا تمّ بالفاعل وصار به كلاما تامّا ، فيشابه التمييز الآتي بعده (١) : المفعول ، لوقوعه بعد تمام الاسم ، كما أن المفعول حقه أن يكون بعد تمام الكلام ، فيصير ذلك الاسم التام قبله (٢) ، عاملا ، لمشابهته الفعل التام بفاعله ؛
وهذه الأشياء التي تمّ بها الاسم ، إنما قامت مقام الفاعل الذي به يتمّ الكلام لكونها في آخر الاسم ، كما كان الفاعل عقب الفعل ، ألا ترى أن لام التعريف ، وإن كان يتمّ بها الاسم فلا يضاف معها : لا ينتصب التمييز عنه ، (٣) فلا يقال : الراقود خلّا ؛
وقد يكون الاسم نفسه تامّا ، لا بشيء آخر ، أعني لا تجوز اضافته ، فينتصب عنه التمييز ، وذلك في شيئين :
أحدهما : الضمير ، وهو الأكثر ، وذلك في الأغلب ، فيما فيه معنى المبالغة والتفخيم كمواضع التعجب ، نحو : يا له رجلا ، ويا لها قصة ، ويا لك ليلا ، وويلمّها خطة ، وما أحسنها فعلة ، ولله دره رجلا جاءني ، وويحه رجلا لقيته ، وكذا : ويله ، وكذا : نعم رجلا ، وبئس عبدا ، و: (ساءَ مَثَلاً)(٤) ؛
ومن هذا الباب ، أي الذي فيه التفخيم : ربّه رجلا لقيته ، إذ هو جواب في التقدير ، لمن قال : ما لقيت رجلا ، فكأنه قيل : لقيت رجلا وأيّ رجل ، ردّا عليه ؛
__________________
(١) أي الآتي بعد الاسم المشبه للفعل في التمام بأحد الأشياء المذكورة ؛
(٢) أي قبل التمييز ،
(٣) أي عن المعرف باللام.
(٤) من الآية ١٧٧ سورة الأعراف