بالنظر للنصوص التاريخية الأخرى كما أن التاريخ الغياثي جاءت فيه الوقعة مبتورة وإن كان نقلها من روضة الصفا وعلى كل يفهم من مراجعة هذه النصوص خروج تيمور من بغداد وتوجهه إلى تبريز كان في أوائل ذي الحجة لسنة ٨٠٣ ه وقد مضى القول عنه فلما علم السلطان أحمد وقرا يوسف اللذان كانا قد هربا إلى الروم أن تيمور قد عزم على الذهاب إلى بلاد الروم وتأهب لمقارعة السلطان ييلديرم بايزيد عادا وجاءا من طريق قلعة الروم على شاطىء الفرات إلى هيت ومن هيت عبر السلطان أحمد إلى بغداد فاستعاد بغداد وجمع ما تمكن عليه من أمرائه المشتتين في الأطراف واستقر بها فوجدها خاوية فاشتغل بعمارتها وزراعتها (١) ... ولما سمع تيمور هذا الخبر وهو في تبريز أمر بالعساكر أن تتوجه نحو بغداد وسير أمير زاده أبا بكر وأمير جهانشاه وآخرين غيرهم فضبطوا الدروب وفي ليلة السبت ٨ رجب سنة ٨٠٤ ه وصلوا بغداد على حين غفلة بحيث إن السلطان أحمد أصابه الارتباك والاضطراب والعجلة فلم يتمكن من لبس ثيابه بتمامها وإنما رمى بنفسه إلى سفينة فعبر إلى الجانب الغربي وكان ولده السلطان طاهر هناك فتوجه معه وجماعة معدودة من أمرائه إلى صوب الحلة ركبوا خيلا جردا. أما عسكر تيمور فإنه كان منهوك القوى من السير والغارة المستمرة فتوقفوا تلك الليلة ببغداد وفي الصباح سار الأمير جهانشاه إلى الحلة فرأى الجسر مقطوعا والسلطان قد رحل إلى جزيرة خالد ومالك فتوقف الأمير جهان شاه في الحلة وأرسل قاصدا إلى تيمور لعرض الحالة إليه ومن ثم توارد الأمراء الآخرون من الأنحاء الأخرى وجاؤوا من مواطن مختلفة فنهبوا وسلبوا وغنموا غنائم لا حد لها وقضوا على كل من كانوا يرتابون
__________________
(١) «اشتغل بعمارتها وزراعتها ...» يضاف إلى هذا ما رواه مؤلف عيون أخبار الأعيان «وبنى سورها فقال أهل بغداد : أحمد المسكين صرف ماله في الماء والطين ..» ا ه. قاله الصديق الفاضل مصطفى جواد.