اللباد الأبيض على رأسهم وبدنهم ويصرحون بالتعطيل وإباحة المحرمات ، وترك المفترضات وأفسدوا بذلك عقائد جماعة من الجغتاي وغيرهم من الأعاجم. ولما كثر فسادهم بهراة وغيرها أمر القاءان معين الدين شاه رخ بن تيمور لنك بإخراجهم من بلاده وحرض على ذلك فوثب عليه رجلان منهم وقت صلاة الجمعة وهو بالجامع وضرباه فجرحاه جرحا بالغا لزم منه الفراش مدة طويلة استمر به حتى مات وقتل الرجلان من وقتهما شر قتلة. وهو في عقود المقريزي (١).
وهذا من أشهر دعاة الباطنية في القرن الثامن الهجري ، ظهر بثوب آخر من الإبطان بل وسع ناحية من نواحي معتقد الباطنية وهي «طريقة الحروفية» فقد برع فيها ، وأطنب في تفسيرها ، وجاهر بها بحيث دعا إلى لزوم إغفال الأحكام الشرعية فأول الآيات وصرفها عن معناها بوجه آخر غير ما ركن إليه الغلاة أو بالتعبير الأصح جاهر بما لم يستطيعوا المجاهرة به ..
ومن المؤكد أن هؤلاء لم يكونوا مسلمين وإنما دعوا إلى طريقة رأوها الأصلح في الإفساد فجربوها ونجحت عندهم وهي طريقة التأويل الذي لا يحتمله اللفظ ، ولا تقارب بين الأصل والمعنى الذي قرروه ، فعرفت مطالبهم ، وكشف العلماء عن حقيقة نحلتهم .. فهم من غلاة المتصوفة وعرفوا (بالحروفية) ...
وكانت نوايا هؤلاء الباطنية ـ كغيرهم من نوعهم. هدم الديانة الإسلامية إلا أنهم رأوا المجابهة بالإنكار والمعارضة بالنقد ، أو إعلان محاربة رجاله ... غير مقدور لهم ، وجربوه بتجارب عديدة فلم يولد نتيجة حسنة لما يتطلبونه بل رأوا معارضة شديدة ؛ ونالتهم نكبة قاسية من جراء ما قاموا به فعادوا بالخيبة والخذلان ومن ثم ركنوا إلى ما ركنوا إليه ...
__________________
(١) الضوء اللامع ج ٦ ص ١٧٤.