١٧ شعبان وحمل إلى سمرقند (١).
وفاة تيمور لنك :
مات هذا الفاتح العظيم بعلة الإسهال القولنجي ؛ وله ٧٩ سنة ، كان قد دوخ الممالك وأدهش العالم ، وملك أقطارا كثيرة ، وعزم في آخر عمره على الدخول إلى الصين فمضى في الشتاء فهلك من عسكره أمم لا يحصون ، وهلك هو ... وكان قد شغل العالم الإسلامي مدة في أيام اضطرابه ، وحالة تعدد حكوماته ، ولا يزال ذكر وقائعه تردده الألسن ... فلا تقل أثرا في النفوس عن وقائع جنكيز وأخلافه أيام صولتهم وتمكن دولتهم ...
والغريب أن هذا الفاتح ترك وقعا في النفوس وأثرا في الأذهان يستحق الدرس والاعتبار ويدعو للبحث والتنقيب ، والمشروع الذي قام به كفاتح عظيم ؛ وسياسي كبير محنك يهم أمر مطالعته كل أحد ، ويجب الالتفاتة إليه برغبة زائدة لكل متفكر ، وخاصة من يحاول إدارة مقدرات البلاد ...
ويختلف عن أكثر الأبطال غير أنهم غالب أحوالهم عادت خرافية ، وصارت حوادث بطولتهم أساطيرية مخلوطة غثا بسمين ... وهذا جاءت أخباره واضحة ، ووقائعه مدونة ، وآثاره مسجلة في تواريخ كتبت في أيامه ، وبعده بقليل انتقلت إلينا من ثقات الرواة وفي كل حروبه وغزواته لم يخل مجلسه من علماء ، ولا من مباحث علمية وتاريخية ...
وأكابر الرجال الذين أدركوا وقته بصروا بوقائعه ؛ وقدروا عظمته ، ونقل عنهم الرجال المشاهير بعض خصاله ومزاياه ... فهو من الفاتحين الذين يحق للمرء أن يقف على نزعاتهم في الفتوح والطريقة التي مضوا
__________________
(١) الأنباء ج ١.